بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص27
الفصل الثاني : في المصاهرة وأما المحرمات بالمصاهرة فإنهن أربع : زوجات الآباء والاصل فيه قوله تعالى :
( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء)
الآية .
وزوجات الابناء والاصل في ذلك أيضا قوله تعالى :
( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم)
وأمهات النساء أيضا ، والاصل في ذلك قوله تعالى :
( وأمهات نسائكم)
وبنات الزوجات ، والاصل فيه قوله تعالى :
( وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن)
فهؤلاء الاربع اتفق المسلمون على تحريم اثنتين منهن بنفس العقد ، وهو تحريم زوجات الآباء والابناء ، وواحدة بالدخول وهي ابنة الزوجة واختلفوا منها في موضعين : أحدهما هل من شرطها أن تكون في حجر الزوج ، والثانية هل تحرم بالمباشرة للام للذة أو بالوطئ ؟ .
وأما أم الزوجة فإنهم اختلفوا هل تحرم بالوطئ أو بالعقد على البنت فقط ؟ واختلف أيضا من هذا الباب في مسألة رابعة ، وهي هل يوجب الزنا في هذا التحريم ما يوجبه النكاح الصحيح أو النكاح بشبهة ؟ فهنا أربع مسائل :
المسألة الاولى : وهي هل من شرط تحريم بنت الزوجة
أن تكون في حجر الزوج أم ليس ذلك من شرطه ؟ فإن الجمهور على أن ذلك ليس من شرط التحريم ، وقال داود : ذلك من شرطه ، ومبنى الخلاف هل قوله تعالى :
( اللاتي في حجوركم)
وصف له تأثير في الحرمة أو ليس له تأثير ، وإنما خرج مخرج الموجود أكثر ؟ فمن قال خرج مخرج الموجود الاكثر وليس هو شرطا في الربائب ، إذ لا فرق في ذلك بين التي في حجره أو التي ليست في حجره .
قال : تحرم الربيبة بإطلاق ، ومن جعله شرطا غير معقول المعنى قال : لا تحرم إلا إذا كانت في حجره .
المسألة الثانية : وأما هل تحرم البنت بمباشرة الام فقط أو بالوطئ ؟ فإنهم اتفقوا على أن حرمتها بالوطئ .
واختلفوا فيما دون الوطئ من اللمس والنظر إلى الفرج لشهوة أو لغير شهوة هل ذلك يحرم أم لا ؟ فقال مالك والثوري وأبو حنيفة والاوزاعي والليث بن سعد : إن اللمس لشهوة يحرم الام .
وهو أحد قولي الشافعي ، وقال داود والمزني : لا يحرمه إلا الوطئ وهو أحد قولي الشافعي المختار عنده ، والنظر عند مالك كاللمس إذا كان نظر تلذذ إلى أي عضو كان ، وفيه عنه خلاف ، ووافقه أبو حنيفة في النظر إلى الفرج فقط ، وحمل الثوري النظر محمل اللمس ولم يشترط اللذة ، وخالفهم في ذلك ابن أبي ليلى والشافعي في أحد قوليه فلم يوجب في النظر شيئا .
وأوجب في اللمس .
ومبنى الخلاف : هل المفهوم من اشتراط الدخول في قوله تعالى :
( اللاتي دخلتم بهن)
الوطئ أو التلذذ بمادون الوطئ ؟ فإن كان التلذذ فهل يدخل فيه النظر