بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص11
الحاجة وكان عموم البلوى في هذه المسألة يقتضي أن ينقل اشتراط الولاية عنه ( ص ) تواترا أو قريبا من التواتر ثم لم ينقل ، فقد يجب أن يعتقد أحد أمرين : إما أنه ليست الولاية شرطا في صحة النكاح وإنما للاولياء الحسبة في ذلك ، وإما إن كان شرطا فليس من صحتها تمييز صفات الولي وأصنافهم ومراتبهم ، ولذلك يضعف قول من يبطل عقد الولي الابعد مع وجود الاقرب .
الموضع الثاني : وأما النظر في الصفات الموجبة للولاية والسالبة لها
، فإنهم اتفقوا على أن شرط الولاية : الاسلام والبلوغ والذكورة ، وأن سوالبها أضداد هذه : أعني الكفر والصغر والانوثة .
واختلفوا في ثلاثة : في العبد والفاسق والسفيه .
فأما العبد فالاكثر على منع ولايته ، وجوزها أبو حنيفة .
وأما الرشد فالمشهور في المذهب : أعني عند أكثر أصحاب مالك أن ذلك ليس من شرطها ، وقد روي عن مالك مثل قول الشافعي ، وبقول الشافعي قال أشهب وأبو معصب .
وسبب الخلاف : تشبيه هذه الولاية بولاية المال ، فمن رأى أنه قد يوجب الرشد في هذه الولاية مع عدمه في المال قال : ليس من شرطه أن يكون رشيدا في المال ، ومن رأى أن ذلك ممتنع الوجود قال : لا بد من الرشد في المال ، وهما قسمان كما ترى .
أعني أن الرشد في المال غير الرشد في اختيار الكفاءة لها .
وأما العدالة فإنما اختلفوا فيها من جهة أنها نظر للمعنى : أعني هذه الولاية فلا يؤمن مع عدم العدالة أن لا يختار لها الكفاءة .
وقد يمكن أن يقال إن الحالة التي بها يختار الاولياء لمولياتهم الكف ء غير حالة العدالة وهيخوف لحوق العار بهم ، وهذه هي موجودة بالطبع وتلك العدالة الاخرى مكتسبة ، ولنقص العبد يدخل الخلاف في ولايته كما يدخل في عدالته .
الموضع الثالث : وأما أصناف الولاية عند القائلين بها فهي نسب وسلطان ومولى أعلى وأسفل .
ومجرد الاسلام عند مالك صفة تقتضي الولاية على الدنيئة .
واختلفوا في الوصي ، فقال مالك : يكون الوصي وليا ، ومنع ذلك الشافعي .
وسبب اختلافهم : هل صفة الولاية مما يمكن أن يستناب فيها ، أم ليس يمكن ذلك ؟ ولهذا السبب بعينه اختلفوا في الوكالة في النكاح ، لكن الجمهور على جوازها ، إلا أبا ثور ، ولا فرق بين الوكالة والايصاء ، لان الوصي وكيل بعد الموت ، والوكالة تنقطع بالموت .
واختلفوا في ترتيب الولاية من النسب .
فعند مالك أن الولاية معتبرة بالتعصيب إلا الابن ، فمن كان أقرب عصبة كان أحق بالولاية ، والابناء عنده أولى وإن سفلوا ثم الآباء ثم الاخوة للاب والام .
ثم للاب ثم بنو الاخوة للاب والام ثم للاب فقط ثم الاجداد للاب وإن علوا .
وقال المغيرة : الجد وأبوه أولى من الاخ ، وابنه ليس من أصل ، ثم العمومة على ترتيب الاخوة وإن سفلوا ثم المولى