پایگاه تخصصی فقه هنر

بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص347

ذلك من الاعضاء ولم يكن يسيرا .

فأما الموضع الاول : فإن الجمهور على أن ما كان أشد من هذه العيوب المنصوص عليها فهي أحرى أن تمنع الاجزاء .

وذهب أهل الظاهر إلى أنه لا تمنع الاجزاء ولا يتجنب بالجملة أكثر من هذه العيوب التي وقع النص عليها .

وسبب اختلافهم : هل هذا اللفظ الوارد هو خاص أريد به الخصوص ، أو خاص أريد به العموم ؟ فمن قال أريد به الخصوص ولذلك أخبر بالعدد قال : لا يمنع الاجزاء إلا هذه الاربعة فقط ، ومن قال هو خاص أريد به العموم وذلك من النوع الذي يقع فيه التنبيه بالادنى على الاعلى قال : ما هو أشد من المنصوص عليها فهو أحرى أن لا يجزي .

وأما الموضع الثاني : أعني ما كان من العيوب في سائر الاعضاء مفيدا للنقص على نحو إفادة هذه العيوب المنصوص عليها له فإنهم اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوا : أحدها : أنها تمنع الاجزاء كمنع المنصوص عليها ، وهو المعروف من مذهب مالك في الكتب المشهورة ، والقول الثاني : أنها لا تمنع الاجزاء وإن كان يستحب اجتنابها ، وبه قال ابن القصار وابن الجلاب وجماعة من البغداديين من أصحاب مالك .

والقول الثالث : أنها لا تمنع الاجزاء ولا يستحب تجنبها ، وهو قول أهل الظاهر .

وسبب اختلافهم : شيئان أحدهما : اختلافهم في مفهوم الحديث المتقدم .

والثاني : تعارض الآثار في هذا الباب .

أما الحديث المتقدم : فمن رآه من باب الخاص أريد به الخاص قال : لا يمنع ما سوى الاربع مما هو مساو لها أو أكثر منها .

وأما من رآه من باب الخاص أريد به العام وهم الفقهاء ، فمن كان عنده أنه من باب التنبيه بالادنى على الاعلى فقط ، لا من باب التنبيه بالمساوي على المساوي قال : يلحق بهذه الاربع ما كان أشد منها ، ولا يلحق بها ما كان مساويا لها في منع الاجزاء إلا على وجه الاستحباب ، ومن كان عنده أنه من باب التنبيه على الامرين جميعا أعني على ما هو أشد من المنطوق به أو مساو له قال : تمنع العيوب الشبيهة بالمنصوص عليها الاجزاءكما يمنعه العيوب التي هي أكبر منها ، فهذا هو أحد أسباب الخلاف في هذه المسألة ، وهو من قبل تردد اللفظ بين أن يفهم منه المعنى الخاص أو المعنى العام ، ثم إن من فهم منه العام ، فأي عام هو ؟ هل الذي هو أكثر من ذلك ؟ أو الذي هو أكثر والمساوي معا على المشهور من مذهب مالك ؟ وأما السبب الثاني : فإنه ورد في هذا الباب من الاحاديث الحسان حديثان متعارضان فذكر النسائي عن أبي بردة أنه قال : يا رسول الله أكره النقص يكون في القرن والاذن ، فقال له النبي ( ص ) : ما كرهته فدعه ولا تحرمه على غيرك وذكر علي بن أبي طالب قال : أمرنا رسول الله ( ص ) أن نستشرف العين والاذن ولا يضحى بشرقاء ولا خرقاء ولا مدابرة ولا بتراء والشرقاء : المشقوقة الاذن .

والخرقاء : المثقوبة الاذن .

والمدابرة : التي قطع من جنبتي أذنها من خلف .

فمن رجح حديث أبي بردة قال : لا يتقي إلا العيوب الاربع أو ما هو أشد منها ، ومن جمع بين الحديثين بأن حمل حديث أبي بردة على اليسير الذي هو غير بين وحديث علي على الكثير الذي هو بين ألحق بحكم المنصوص عليها ما