بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص342
المسألة الاولى : اختلفوا في الواجب في النذر المطلق الذي ليس يعين فيه الناذر شيئا سوى أن يقول : لله علي نذر ، فقال كثير من العلماء : في ذلك كفارة يمين لا غير ، وقال قوم : بل فيه كفارة الظهار ، وقال قوم : أقل ما ينطلق عليه الاسم من القرب صيام يوم أو صلاة ركعتين .
وإنما صار الجمهور لوجوب كفارة اليمين فيه للثابت من حديث عقبة بن عامر أنه عليه الصلاة والسلام قال : كفارة النذر كفارة يمين خرجه مسلم .
وأما من قال صيام يوم أو صلاة ركعتين فإنما ذهب مذهب من يرى أن المجزئ أقل ما ينطلق عليه الاسم ، وصلاة ركعتين أو صيام يوم أقل ما ينطلق عليه اسم النذر .
وأما من قال فيه كفارة الظهار فخارج عن القياس والسماع .
المسألة الثانية : اتفقوا على لزوم النذر بالمشي إلى بيت الله ، أعني إذا نذر المشي راجلا .
واختلفوا إذا عجز في بعض الطريق فقال قوم : لا شئ عليه ، وقال قوم : عليه .
واختلفوا في ماذا على ثلاثة أقوال : فذهب أهل المدينة إلى أن عليه أن يمشي مرةأخرى من حيث عجز ، وإن شاء ركب وأجزأه وعليه دم ، وهذا مروي عن علي .
وقال أهل مكة : عليه هدي دون إعادة مشي .
وقال مالك : عليه الامران جميعا .
يعني أنه يرجع فيمشي من حيث وجب ، وعليه هدي ، والهدي عنده بدنة أو بقرة أو شاة إن لم يجد بقرة أو بدنة .
وسبب اختلافهم : منازعة الاصول لهذه المسألة ومخالفة الاثر لها ، وذلك أن من شبه العاجز إذا مشى مرة ثانية بالمتمتع والقارن من أجل أن القارن فعل ما كان عليه في سفرين في سفر واحد ، وهذا فعل ما كان عليه في سفر واحد في سفرين قال : يجب عليه هدي القارن أو المتمتع ، ومن شبهه بسائر الافعال التي تنوب عنها في الحج إراقة الدم قال : فيه دم ، ومن أخذ بالآثار الواردة في هذا الباب قال : إذا عجز فلا شئ عليه .
قال أبو عمر : والسنن الواردة الثابتة في هذا الباب دليل على طرح المشقة .
وهو كما قال ، وأحدها حديث عقبة بن عامر الجهني قال : نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله عزوجل فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله ( ص ) ، فاستفتيت لها النبي ( ص ) فقال : لتمش ولتركب خرجه مسلم .
وحديث أنس بن مالك : أن رسول الله ( ص ) رأى رجلا يهادي بين ابنتيه ، فسأل عنه فقالوا : نذر أن يمشي ، فقال عليه الصلاة والسلام : إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه ، وأمره أن يركب وهذا أيضا ثابت .
المسألة الثالثة : اختلفوا بعد اتفاقهم على لزوم المشي في حج أو عمرة فيمن نذر أن يمشي إلى مسجد النبي ( ص ) أو إلى بيت المقدس يريد بذلك الصلاة فيهما ، فقال مالك والشافعي : يلزمه المشي ، وقال أبو حنيفة : لا يلزمه شئ وحيث صلى أجزأه ، وكذلك عنده إن نذر الصلاة في المسجد الحرام ، وإنما وجب عنده المشي إلى المسجد الحرام لمكان الحج والعمرة وقال أبو يوسف صاحبه : من نذر أن يصلي في بيت