بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص299
وروي عن ابن عباس أنه قال : من فاته من نسكه شئ فعليه دم ، وأما الذي هو نفل فلم يروا فيه دما ، ولكنهم اختلف اختلافا كثيرا في ترك نسك نسك هل فيه دم أم لا ؟ وذلك لاختلافهم فيه هل هو سنة أو نفل ؟ وأما ما كان فرضا فلا خلاف عندهم أنه لا يجبر بالدم ، وإنما يختلفون في الفعل الواحد نفسه من قبل اختلافهم هل هو فرض أم لا ؟ وأما أهل الظاهر فإنهم لا يرون دما إلا حيث ورد النص لتركهم القياس وبخاصة في العبادات .
وكذلك اتفقوا على أن ما كان من التروك مسنونا ففعل ففيه فدية الاذى ، وما كان مرغبا فيه فليس فيه شئ .
واختلفوا في ترك فعل لاختلافهم هل هو سنة أم لا ؟ وأهل الظاهر لا يوجبون الفدية إلا في المنصوص عليه ونحن نذكر المشهور من اختلاف الفقهاء في ترك نسك نسك : أعني في وجوب الدم أو لا وجوبه من أول المناسك إلى آخرها ، وكذلك في فعل محظور محظور .
فأول ما اختلفوا فيه من المناسك من جاوز الميقات فلم يحرم هل عليه دم ؟ فقال قوم : لا دم عليه .
وقال قوم : عليه الدم وإن رجع ، وهو قول مالك وابن المبارك .
وروي عن الثوري .
وقال قوم : إن رجع إليه فليس عليه دم ، وإن لم يرجع فعليه دم ، وهو قول الشافعي وأبي يوسف ومحمد ومشهور قول الثوري .
وقال أبو حنيفة : إن رجع ملبيا فلا دم ، وإن رجع غير ملب كان عليه الدم .
وقال قوم : هو فرض ولا يجبره بالدم .
واختلفوا فيمن غسل رأسه بالخطمي .
فقال مالك وأبو حنيفة يفتدي .
وقال الثوري وغيره لا شئ عليه .
ورأى مالك أن في الحمام الفدية .
وأباحه الاكثرون وروي عن ابن عباس من طريق ثابت دخوله .
والجمهور على أنه يفتدي من لبس من المحرمين ما نهي عن لباسه .
واختلفوا إذا لبس السراويل لعدم الازار هل يفتدي أم لا ؟ فقال مالك وأبو حنيفة : يفتدي ، وقال الثوري وأحمد وأبو ثور وداود : لا شئ عليه إذا لم يجد إزارا .
وعمدة من منع النهي المطلق وعمدة من لم ير فيه فدية حديث عمرو بن دينار عن جابر وابن عباس قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول السراويل لمن لم يجد الازار والخف لمن لم يجد النعلين واختلفوا فيمن ليس الخفين مقطوعين مع وجود النعلين ، فقال مالك عليه الفدية ، وقال أبو حنيفة : لا فدية عليه .
والقولان عن الشافعي .
واختلفوا في لبس المرأة القفازين هل فيه فدية أم لا ؟ وقد ذكرنا كثيرا من هذه الاحكام في باب الاحرام ، وكذلك اختلفوا فيمن ترك التلبية هل عليه دم أم لا ؟ وقد تقدم .
واتفقوا على أن من نسي الطواف أو نسي شوطا من أشواطه أنه يعيده ما دام بمكة .
واختلفوا إذا بلغ إلى أهله ، فقال قوم منهم أبو حنيفة : يجزيه الدم ، وقال قوم : بل يعيد ويجبر منقصه ولا يجزيه الدم .
وكذلك اختلفوا فيوجوب الدم على من ترك الرمل في الثلاثة الاشواط ، وبالوجوب قال ابن عباس والشافعي وأبو حنيفة وأحمد وأبو ثور واختلف في ذلك قول مالك وأصحابه .
والخلاف في هذه الاشياء كلها مبناه على أنه هل هو سنة أم لا ؟ وقد تقدم القول في ذلك .
وتقبيل الحجر أو تقبيل يده بعد وضعها عليه إذا لم يصل الحجر عند كل من لم يوجب الدم قياسا على المتمتع إذا تركه فيه دم .