بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص203
على أنه لا زكاة فيه .
وقال قوم : فيه الزكاة .
وسبب اختلافهم : اختلافهم في تصحيح الاثر الوارد في ذلك ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام في كل عشرة أزق زق خرجه الترمذي وغيره .
وأما ما اختلفوا فيه من النبات بعد اتفاقهم على الاصناف الاربعة التي ذكرناها فهو : جنس النبات الذي تجب فيه الزكاة ، فمنهم من لم ير الزكاة إلا في تلك الاربع فقط ، وبه قال ابن أبي ليلى ، وسفيان الثوري ، وابن المبارك ومنهم من قال الزكاة في جميع المدخر المقتات من النبات ، وهو قول مالك والشافعي ومنهم من قال : الزكاة في كل ما تخرجه الارض ما عداالحشيش ، والحطب ، والقصب ، وهو أبو حنيفة .
وسبب الخلاف : إما بين من قصر الزكاة على الاصناف المجمع عليها وبين من عداها إلى المدخر المقتات ، فهو اختلافهم في تعلق الزكاة بهذه الاصناف الاربعة ، هل هو لعينها ، أو لعلة فيها ، وهي الاقتيات فمن قال : لعينها ، قصر الوجوب عليها ، ومن قال : لعلة الاقتيات عدى الوجوب لجميع المقتات .
وسبب الخلاف : بين من قصر الوجوب على المقتات ، وبين من عداه إلى جميع ما تخرجه الارض – إلا ما وقع عليه الاجماع من الحشيش ، والحطب والقصب – هو معارضة القياس لعموم اللفظ .
أما اللفظ الذي يقتضي العموم ، فهو قوله عليه الصلاة والسلام فيما سقت السماء العشر ، وفيما سقي بالنضح نصف العشر وما بمعنى الذي والذي من ألفاظ القوم وقوله تعالى :
( وهو الذي أنشأ جنات معروشات)
الآية إلى وأما القياس : فهو أن الزكاة إنما المقصود منها قوله :
( وآتوا حقه يوم حصاده)
سد الخلة ، وذلك لا يكون غالبا إلا فيما هو قوت .
فمن خصص العموم بهذا القياس ، أسقط الزكاة مما عدا المقتا ت ، ومن غلب العموم ، أوجبها فيما عدا ذلك ، إلا ما أخرجه الاجماع ، والذين اتفقو على المقتات ، اختلفوا في أشياء من قبل اختلافهم فيها هل هي مقتاتة ، أم ليست بمقتاتة ؟ وهل يقاس على ما اتفق عليه ، أو ليس يقاس ؟ مثل اختلاف مالك ، والشافعي في الزيتون ، فإن مالكا ذهب إلى وجوب الزكاة فيه ، ومنع ذلك الشافعي في قوله الاخير بمصر .
وسبب اختلافهم : هل هو قوت ، أم ليس بقوت ؟ .
ومن هذا الباب اختلاف أصحاب مالك في إيجاب الزكاة في التين ، أو لا إيجابها .
وذهب بعضهم : إلى أن الزكاة تجب في الثمار دون الخضر ، وهو قول ابن حبيب لقوله سبحانه :
( وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات)
الآية ومن فرق في الآية بين الثمار والزيتون .
فلا وجه لقوله ، إلا وجه ضعيف .
واتفقوا على ألا زكاة في العروض التي لم يقصد بها التجارة ، واختلفوا في إيجاب الزكاة فيما اتخذ منها للتجارة ، فذهب فقهاء الامصار إلى وجوب ذلك ومنع ذلك أهل الظاهر .
والسبب في اختلافهم : اختلافهم في وجوب الزكاة بالقياس ، واختلافهم في تصحيح حديث سمرة