بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص192
أن يصلي الامام على من قتلحدا .
واختلفوا فيمن قتل نفسه ، فرأى قوم أنه لا يصلى عليه وأجاز آخرون الصلا عليه ومن العلماء من لم يجز الصلاة على أهل الكبائر ، ولا على أهل البغي والبدع .
والسبب في اختلافهم في الصلاة : أما في أهل البدع ، فلاختلافهم في تكفيرهم ببدعهم فمن كفرهم بالتأويل البعيد ، لم يجز الصلاة عليهم ، ومن لم يكفرهم ، إذ كان الكفر عنده إنما هو تكذيب الرسول ، لا تأويل أقواله عليه الصلاة والسلام ، قال : الصلاة عليهم جائزة ، وإنما أجمع العلماء على ترك الصلاة على المنافقين مع تلفظهم بالشهادة لقوله تعالى :
( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره)
الاية .
وأما اختلافهم في أهل الكبائر ، فليس يمكن أن يكون له سبب إلا من جهة اختلافهم في القول بالتكفير بالذنوب ، لكن ليس هذا مذهب أهل السنة فلذلك ليس ينبغي أن يمنع الفقهاء الصلاة على أهل الكبائر .
وأما كراهية مالك الصلاة على أهل البدع ، فذلك لمكان الزجر ، والعقوبة لهم وإنما لم ير مالك صلاة الامام على من قتله حدا : لان رسول الله ( ص ) لم يصل على ماعز ولم ينه عن الصلاة عليه خرجه أبو داود .
وإنما اختلفوا في الصلاة على من قتل نفسه ، لحديث جابر بن سمرة : أن رسول الله ( ص ) أبى أن يصلي على رجل قتل نفسه فمن صحح هذا الاثر قال : لا يصلى على قاتل نفسه ، ومن لم يصححه ، رأى أن حكمه حكم المسلمين ، وإن كان من أهل النار كما ورد به الاثر ، لكنليس هو من المخلدين ، لكونه من أهل الايمان ، وقد قال عليه الصلاة والسلام حكاية عن ربه : أخرجوا من النار من في قلبه مثقال حبة من الايمان واختلفوا أيضا في الصلاة على الشهداء المقتولين في المعركة ، فقال مالك والشافعي لا يصلى على الشهيد المقتول في المعركة ، ولا يغسل وقال أبو حنيفة : يصلى عليه ، ولا يغسل .
وسبب اختلافهم : اختلاف الاثار الواردة في ذلك ، وذلك أنه خرج أبو داود من طريق جابر : أنه صلى الله عليه وسلم أمر بشهداء أحد ، فدفنوا بثيابهم ، ولم يصل عليهم ، ولم يغسلوا وروى من طريق ابن عباس مسندا : أنه عليه الصلاة والسلام صلى على قتلى أحد ، وعلى حمزة ، ولم يغسل ولم يتيمم وروى ذلك أيضا مرسلا من حديث أبي مالك الغفاري ، وكذلك روي أيضا أن أعرابيا جاءه سهم ، فوقع في حلقه ، فمات ، فصلى عليه النبي ( ص ) ، وقال : إن هذا عبدك خرج مجاهدا في سبيلك ، فقتل شهيدا وأنا شهيد عليه .
وكلا الفريقين يرجع الاحاديث التي أخذ بها وكانت الشافعية تعتل بحديث ابن عباس هذا ، وتقول : يرويه ابن أبي الزناد ، وكان قد اختل آخر عمره ، وقد كان شعبة يطعن فيه .
وأما المراسيل ، فليست عندهم بحجة .
واختلفوا متى يصلى على الطفل ، فقال مالك : لا يصلى على الطفل حتى يستهل صارخا .
وبه قال الشافعي وقال