بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص89
صحاح عن أبي محذورة ، وعبد الله بن زيد الانصاري ، وتربيعه أيضا عن أبي محذورة من طرق أخر ، وعن عبد البن زيد .
قال الشافعي : وهي زيادات يجب قبولها مع اتصال العمل بذلك بمكة ، وأما الترجيع الذي اختاره المتأخرون من أصحاب مالك ، فروي من طريق أبي قدامة .
قال أبو عمر : وأبو قدامة عندهم ضعيف .
وأما الكوفيون فبحديث أبي ليلى ، وفيه : أن عبد الله بن زيد رأى في المنام رجلا قام على خرم حائط ، وعليه بردان أخضران ، فأذن مثنى ، وأقام مثنى ، وأنه أخبر بذلك رسول الله ( ص ) فقام بلال ، فأذن مثنى ، وأقام مثنى والذي خرجه البخاري في هذا الباب إنما هو من حديث أنس فقط وهو : أن بلالا أمر أن يشفع الاذان ، ويوتر الاقامة ، إلا قد قامت الصلاة ، فإنه يثنيها وخرج مسلم عن أبي محذورة على صفة أذان الحجازيين .
ولمكان هذا التعارض الذي ورد في الاذان ، رأى أحمد بن حنبل وداود أن هذه لا على إيجاب واحدة منها ، وأن الانسان مخير فيها .
واختلفوا في قول المؤذن في صلاة الصبح : الصلاة خير من النوم هل يقال فيها أم لا ؟ فذهب الجمهور إلى أنه يقال ذلك فيها وقال آخرون : إنه لا يقال لانه ليس من الاذان المسنون ، وبه قال الشافعي .
وسبب اختلافهم : اختلافهم هل قيل ذلك في زمان النبي ( ص ) ؟ أو إنما قيل في زمان عمر ؟ القسم الثاني من الفصل الاول من الباب الثانياختلف العلماء في حكم الاذان هل واجب ، أو سنة مؤكدة ؟ وإن كان واجبا فهل هو من فروض الاعيان ، أو من فروض الكفاية ؟ فقيل عن مالك : إن الاذان هو فرض على مساجد الجماعات ، وقيل سنة مؤكدة ، ولم يره على المنفرد ، لا فرضا ، ولا سنة وقال بعض أهل الظاهر واجب على وقال بعضهم : على الجماعة ، كانت في سفر ، أو في حضر ، وقال بعضهم : في الاعيان السفر .
واتفق الشافعي ، وأبو حنيفة على أنه سنة للمنفرد ، والجماعة ، إلا أنه آكد في حق الجماعة .
قال أبو عمر : واتفق الكل على أنه سنة مؤكدة ، أو فرض على المصري ، لما ثبت : أن رسول الله ( ص ) كان إذا سمع النداء لم يغر وإذا لم يسمعه أغار .
والسبب في اختلافهم معارضة المفهوم من ذلك لظواهر الاثار ، وذلك أنه ثبت أن رسول الله ( ص ) قال لمالك بن الحويرث ، ولصاحبه : إذا كنتما في سفر ، فأذنا ، وأقيما ، وليؤمكما أكبركما .
وكذلك ما روى من اتصال عمله به ( ص ) في الجماعة .
فمن فهم من هذا الوجوب مطلقا ، قال : إنه فرض على الاعيان ، أو على الجماعة ، وهو الذحكاه ابن المفلس عن داود ، ومن فهم منه الدعاء إلى الاجتماع للصلاة ، قال : إنه سنة في المساجد ، أو فرض في المواضع التي يجتمع إليها الجماعة .
فسبب الخلاف : هو تردده بين أن يكون قولا من أقاويل الصلاة المختصة بها ، أو يكون المقصود به هو الاجتماع .