المدونة الکبری-ج4-ص203
لك أحدهما فلا تفر من ذلك.
وتفسير ذلك أنه كانه يفسخ السمراء بالمحمولة والمحمولة بالسمراء وفيه أيضا بيع الطعام قبل استيفائه وإذا قال الرجل هذا التمر خمسة عشر بدينار وهذه الحنطة عشرة بدينار وأيهما شئت فخذ فقد وجبت لك احدى السلعتين فلا تفر منه فان ذلك بيع قبل استيفاء.
وتفسير ذلك أنه ملكه بيعتين لا يصلح له فسخ احداهما بصاحبتها قبل أن يستوفى لانه أوجب له الحنطة ثم فسخها فأخذ مكانها تمرا والتمر بالحنطة بيع مثل الحنطة بالذهب ومثلها بالورق وليست بقضاء منها ولا يجوز بها مكانها الا بيعا ببيع ويدا بيد فإذا خيره هكذا بين سمراء ومحمولة أيهما شاء أن يأخذ أخذ وقد وجبت له احداهما فهو أيضا من هذا الباب بيع قبل استيفاء ألا ترى أنه لما ملك احدى البيعتين وفسخ احداهما في صاحبتها أنه قد وجب له تسعة آصع من السمراء فهو يدع التسعة التى وجبت له من السمراء بعشرة آصع من المحمولة أو يدع عشرة الآصع التى وجبت له من المحمولة بتسعة آصع من السمراء وهو لا يصلح أن يشترى تسعة بعشرة وهذا شبيه ما نهى عنه من بيعتين في بيعة وهو مما نهى عنه أن يباع اثنان بواحد إذا كانا من صنف واحد (ابن وهب) قال مالك ومثله لا ينبغى للرجل أن يبيع من نخله عشرة أعذق بيع ثمرها على أن المبتاع يختارها وذلك ان المبتاع ينقل تلك العشرة إلى غيرها وقد وجبت عليه في حال فيأخذ أقل أو أكثر وقد نهي عن بيع التمر بالتمر الا مثلا بمثل (قال سحنون) وكل هذا قاله مالك وعبد العزيز بن أبى سلمة الا أن يأخذها يريد المعين والنئ على صاحبه وصاحبه كذلك (قال ابن القاسم) ولو اشترط البائع أن يختار قال مالك ذلك له جائز وما رأيت أحدا من أهل العلم يعجبه قول مالك في ذلك ولا يعجبنى أيضا الذى قال مالك من ذلك في كتبه النخل يختارها البائع وما رأيته حين كلمته في ذلك عنده حجة ولقد أوقفني فيها نحوا من أربعين ليلة ينظر فيها ثم قال لى وما أارها الا مثل الغنم يبيعهاالرجل على أن يختار منها عشرة شياه فلم يعجبنى لان الغنم بعضها ببعض لا بأس به متفاضلا والتمر بالتمر متفاضلا لا خير فيه فإذا وقع أجزته لما قال مالك من ذلك ولا