مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج5-ص586
فان ذلك يوجب الغرر البين، بداهة ان لبعد الاجل وقربه دخل في زيادة مالية المبيع ونقصانه، فيكون ذلك خطرا في مالية المبيع بلا شبهة كما هو واضح فيكون البيع باطلا، وان كان ذلك معلوما في الواقع وعند الاشخاص الاخرين فان ذلك لا يرفع الغرر.
وقد يتوهم قياس المقام باوزان البلد، حيث انهم ذكروا كفاية الشراء والبيع بأوزان البلد المضبوط في نفسها وان لم يعرف المتعاقدين مقدار الوزن تفصيلا، ولكنه واضح البطلان بداهة ان الحكم غير مسلم في المقيس عليه ايضا، وتسليمه فيه احيانا من جهة ارتفاع الغرر المشاهدة ونحوه، والا المقيس والمقيس عليه داخلان تحت اصل واحد، وان جهل المتعاقدين يوجب الغرر الموجب لبطلان البيع.
على أنه لو كان معلومية العوضين أو الاجل في الواقع كافيا في صحة البيع وارتفاع الغرر لزم الحكم بصحة كل ما هو مجهول عند المتعاقدين ومعلوم عند الله، من العوضين أو الاجل في البيع أو الشروط الاخر غير شرط التأجيل، مع أنه واضح البطلان.
على أنه يلزم أن يكون النهي الوارد عن بيع الغرر بلا مورد، فانه ما من بيع مؤجل بالاجل الا فهو معلوم كما عرفت.
ومن هنا ظهر بطلان توهم كفاية العلم في صحة البيع المؤجل من غير التمعاقدين.
وأما الاحتمال الثالث فهو محكي عن الشافعي، ولعله من جهة قطع الترافع إذا وقع النزاع بين المتبايعين، ولكنه ايضا واضح الفساد، بداهة ان قطع الترافع لا ينحصر بذلك، بل يمكن بالحلف ايضا كما هو واضح.