مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج4-ص491
قد عرفت انه ذكر المصنف اختصاص الحكم بالصورة الاولى، لان هذا الحكم مبني على الارفاق وهو منفي في صورة العدوان، ولا تشمله قاعدة نفي الضرر ايضا لانه امتنع عن الاقباض بنفسه، فقد اقدم على الضرر.
ولكن قد عرفت ان الاخبار المذكورة خالية عن اعتبار الارفاق في الحكم، ولا وجه لاعتباره هنا كما هو واضح.
والذي يستفاد من الاخبار أمران: أن يقبض البايع الثمن، وقد دلت على هذا عدة من الروايات، فعمدتها الصحيحة الاخيرة في كلام المصنف (1)، فمضمون تلك الاخبار ان المشتري إذا جاء بالثمن فبها والا فلا بيع له، ورواية على بن يقطين (2) قد دلت على اعتبار أمر آخر وراء هذا الشرط، وهو أن يقبض المبيع.
فلا تنافي بينها وبين تلك الروايات بوجه لكي يتوهم التعارض بينهما بالعموم من وجه، بل مفاد رواية على بن يقطين ان البيع يبطل من جهة اخرى أو يكون خياريا، وهي عدم اقباض البايع مع عدم اخذ الثمن وان امكنه المشتري من ذلك، كما ان بطلان البيع من جهة الغرر مثلا لا ينافي بطلانه من جهة انتفاء شرط آخر له، وان بطلانه مثلا للغرر لا ينافي بطلانه أو خياريته من جهة عدم اقباض الثمن كما لا يخفى.
1 – عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: الرجل يشتري من الرجل المتاع ثم يدعهعنده، فيقول: حتى آتيك بثمنه، قال: ان جاء فيما بينه وبين ثلاثة أيام والا فلا بيع له (الفقيه 3: 127، الكافي 5: 170، عنهما الوسائل 18: 21)، صحيحة.
2 – عن عبد الرحمان بن الحجاج عن على بن يقطين انه سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يبيع البيع ولا يقبضه صاحبه ولا يقبض الثمن، قال: فان الاجل بينهما ثلاثة أيام، فان قبض بيعه والا فلا بيع بينهما (التهذيب 7: 22، الاستبصار 3: 78، عنهما الوسائل 18: 22)، صحيحة.