مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج4-ص465
مثلا إذا ورد عام أو مطلق على أن الكذب حرام أو كل كذب حرام، فلا شبهة ان متعلق الحرمة هنا هو الفعل الخاص الصادر من المكلف،وانه يتقدر بالزمان بحيث ان الكذب الصادر منه في هذا الزمان غير الكذب الصادر منه في زمان قبله، كما انه غير الكذب الصادر منه في زمان بعده، فيكون كل كذب بحسب طول الزمان وعرضه فردا مغايرا للافراد الاخر، فحيث ان الاهمال في الواقع محال فلابد وأن يكون الحكم فيه اما مطلقا أو مقيدا، فحيث لم يقيد الخطاب في مقام الاثبات مع كونه في مقام البيان، فحسب تبعية مقام الثبوت لمقام الاثبات من حيث الاطلاق والتقييد فنكشف الاطلاق في مقام الثبوت ايضا كما هو واضح.
وعلى هذا فإذا خرج فرد من افراد الكذب عن تحت الاطلاق أو العموم فانه لا شبهة في جواز التمسك بالعموم أو الاطلاق في الافراد الاخر، فلا مجال بوجه لتوهم جريان الاستصحاب فيه، وكذلك إذا ورد النهي عن شرب الخمر، فان مقتضى الاطلاق حرمة الشرب كان من افراد العرضية والطولية، فإذا خرج فرد من تحته نتمسك في الباقي بالاطلاق كما هو واضح، الا لوحظ الحكم بعنوان العام المجموعي أي يكون الحكم الواحد ثابتا للافراد بين المبدء والمنتهى، من غير أن يكون لكل فرد حكم واحد.
وكذلك الكلام في الاحكام الوجوبية، سواء كانت استغراقية أم مجموعية ثم ورد مخصص، فانه يرجع في الافراد الباقية العام والمطلق، اما في الاستغراقي فواضح، وأما في المجموعي فايضا كذلك، كما إذا قال: اكرم هؤلاء العشرة ثم اخرج واحدا، فانه لا محالة يمنع عن التمسك بالعام في التسعة الباقية.