مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج4-ص336
فلماذا لا يكون الجواز هنا جواز حكميا نظير الجواز في الهبة، وأما ثبوت الحق له بحيث يكون له حق الاسقاط أو انتقاله الى الورثة بعد الموت ونحو ذلك فلا يستفاد من الرواية.
والحاصل ان دليل نفي الضرر ناظر الى رفع اللزوم الذي نشأ منه الضرر، وأما اثبات حق يترتب عليه حكمه فلا يتكفله دليل نفي الضرر كما هو واضح، ويكون الثابت خصوص الجواز الحكمي فقط، نظير الجواز في الهبة، فلا يكون للمغبون حق الاسقاط وحق المصالحة عليه ولا ينتقل الى الوارث.
وفيه أولا: قد عرفت مرارا انه لا فرق بين الجواز الحكمي والجواز الحقي، بل هما من جنس واحد وحقيقة واحدة، وقد جعلها الشارع لاحد المتعاقدين أو كليهما في موارد خاصة، غاية الامر قد اعطى السلطنة في بعض الاحيان لاحدهما بحيث ترتب عليه جميع آثار الحق الادمي من الانتقال والنقل باي نحو كان، ولم يرتب عليه ذلك في بعض الموارد كما في الهبة، حيث انه ليس للواهب غير حق الرجوع الى المتهب.
وعليه فان دليل نفي الضرر انما رفع اللزوم الذي يلزم الضرر من قبله، فيكون المرفوع من اللزوم مقدارا يرتفع به الضرر، وحينئذ فيكون الخيار فوريا عرفيا، بحيث لو لم يعمل خياره من الفسخ والامضاء لسقط خياره، فيعلم من ذلك انه من الحقوق فيسقط باسقاط ذي الخيار ايضا.
ودعوى ثبوت الجواز الذي يكون ثابتا الى الابد نظير الجواز في الهبة يحتاج الى العناية الزائدة، فلا دلالة في دليل نفي الضرر عليه، وإذا ثبتكون الجواز الثابت هنا مما يكون اختياره بيد المغبون فله أن يصالح عليه بالمال.