مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج4-ص324
القربة هنا ان طرف الصدقة هو الله والاخذ هو، كما في بعض الروايات، فكان المصدق يعطي الصدقة لله تعالى وما أخذه الله تبارك وتعالى لا يرجع، وهذا غير كون الفعل قربيا أي مأتيا به على وجه قربي لاجل ابتغاء الثواب، وهذا لا ينافي جواز حل ذلك العقد وارجاع ما اعطي على وجه قربي، ولو قلنا بكون المعاملة مستحبة بذاتها.
وان انكرنا ذلك في المكاسب المحرمة وقلنا ان الاستحباب من جهة الفعل، فلا يكون ذلك موجبا للزوم البيع كما هو واضح هنا، لو باع أحد داره من عالم أو سيد قربة الى الله تعالى وقصد في معاملته التقرب بها الى الله تعالى، فهل يتوهم أحد ان ذلك مانع عن جريان خيار المجلس في ذلك.
فالكبرى الذي تسلمها المصنف هنا غير الكبرى الذي منعها في الوقف، فان الاخذ هنا هو الله، فلا معنى لارجاع ما اخذه، بل هذا كذلك في العرف ايضا، فان من اعطي شيئا للسلطان ليس له أن يدق بابه بعد مدة ويطلب ذلك، بل يعد العقلاء من المجانين لو فعل ذلك، وعلى تقدير تسليم اعتبار القربة في الوقف فهو من القبيل الثاني دون الاول.
وعليه فلا مانع من جعل الخيار في الوقف مع قطع النظر عن كون التأبيد فيه مانعا عن جريان الخيار فيه، على أنا قد استشكلنا في اعتبار القربة في الوقف تبعا للمصنف، وقلنا انه لا دليل عليه كما عرفت.
عدم جريان خيار الشرط في الصلح
وأما الصلح، فان كان لقطع الخصومة فلا بأس لجعل الخيار فيه، فانمرجع جعل الخيار فيه هو تقييد المنشأ وتحديده بعدم الفسخ، ومن الواضح انه لا بأس لقطع الخصومه الى زمان خاص، ولو صرح أحد المتخاصمين أو كليهما بذلك فهل فيه محذور.