مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج4-ص176
بيان آخر لعدم جواز التمسك بحديث الرفع والحاصل انه لا يمكن التمسك هنا بحديث الرفع لوجهين: 1 – ان الظاهر من حديث الرفع هو الاكراه يوجب رفع الحكم الثابت على ما اكره عليه، من موضوع الحكم الذي ترتب عليه الحكم ومن متعلقه الذي ترتب تعلق به الحكم، وأما ترتب الحكم على الاكراه بعدم شئ فلا يستفاد من حديث الرفع.
وتوضيح ذلك انه إذا كان أحد مضطرا الى شئ أو مكرها عليه أو ناسيا، فكان الحكم المتعلق به أو المترتب عليه حراما في الواقع مثلا، فانحديث الرفع يرفع هذا الحكم كما هو الظاهر، وأما لو كان الشئ متروكا عن اكراه أو نسيان فلا يوجب حديث الرفع ترتب الحكم على العمد، أي ليس الاكراه على عدم شئ موردا لحديث الرفع وموجبا لثبوت الحكم الذي كان ثابتا مع عدم الاكراه.
مثلا إذا كان أحد يختار صلاة الجماعة لان يستريح من الشكوك الطارئة عليه أو يستريح من قرائة الفاتحة، فإذا اكرهه أحد على ترك الجماعة فلا يوجب الاكراه ترتب احكام الجماعة عليه من عدم الاعتناء بشكه، لانه حين ما كان يصلي الجماعة لا يعتنى بشكه لحفظ الامام، وكذلك لو كان أحد متجهزا الى الجهاد ومتلبسا بلباس الحرير، لانه يجوز لبسه في الحرب، ولكن منعه شخص عن ذلك اكراها، فان الاكراه حينئذ لا يجوز لبس الحرير.
والحاصل ان دليل الاكراه يرفع الحكم المترتب على الموضوع الذي اكره عليه أو المتعلق الذي تعلق به الحكم، ولا يكون ناظرا أبدا الى اثبات الحكم مع الاكراه على ترك موضوع ترتب عليه الحكم أو متعلق