مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج4-ص124
وهذا بخلاف ما نحن فيه، فان المانع هنا عقلي، بداهة ان المولي انما هو مالك للعبد بالاضافة الاعتبارية كملكه لبقية أمواله ملكية اعتبارية، وإذا ارتفع هذا الاعتبار فيكون العبد مالكا لنفسه وكذا لجميع أفعاله وأعماله ملكية ذاتية، بحيث لا يكون لاحد التسلط عليه، وهذا عين الحرية وليس شيئا آخر وراءه.
ومع هذا لا معنى لاعتبار ملكيته على نفسه لكونه لغوا محضا، كما ان اعتبار الملكية لكل أحد على نفسه أو على اعماله وذممه لغو، لوجود اضافة الملكية في جميع ذلك ملكية ذاتية والسلطنة الحقيقية من غير أن تقارنها سلطنة اعتبارية اصلا، وهذه السلطنة هي التي اشار إليها عز من قائل: قال رب اني لا املك الا نفسي واخي (1).
عليه فلا معنى في هذه الصورة شراء العبد نفسه بل هو صورة بيع وانما حقيقته العتق، فيكون ذلك نظير العبد المكاتب، فانه ليس الا عتقا، واطلاق البيع انما هو بالمشابهة والمشاكلة كما لا يخفى، بل نظير ذلك موجود في هذا الزمان ايضا، فانه إذا كان شخص محكوما بالاعدام في المحكمة الاختصاصية واعطي مالا ونجي عن القتل، فانه يقال: انه اشترى نفسه ممن كان حاكما على قتله، وكذلك المقام.
وعليه فلا معنى لحصول البيع من الاول ابدا حتى آنا ما، فانه لا يقاسبالمانع الشرعي، فانه قلنا هناك بحصول الملكية آنا ما بمقتضى الجمع بين الادلة الشرعية، وهذا بخلاف المقام، فان المانع عقلي فهو مانع من الاول، والا فلو كانت الملكية حاصلة آنا ما لم يكن وجه للسقوط، بل كان باقيا الى الابد لعدم الدليل عليه.
1 – المائدة: 25.