پایگاه تخصصی فقه هنر

مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج4-ص23

وفيه انه بعد ما تم بناء العقلاء على عدم جواز رجوع كل من المتبايعين على الاخر وصار بناؤهم على صيرورة كل منهما اجنبيا عن ماله بعد تمامية العقد، فكما لا ينافي ذلك ثبوت خيار المجلس أو الحيوان في أول البيع لكونه تخصيصا للقاعدة الثانية ببناء العقلاء، فكذلك لا ينافيه ثبوت الجواز الحكمي لعقد الهبة، فانه ايضا يكون تخصيصا للقاعدة.

ولا يفرق في ذلك بين كون الجواز من الحقوق أو من الاحكام، وانما يظهر الفرق بينهما من حيث امكان الاسقاط وعدمه، فان الجواز في الهبة لا ينفك عنها ولو اسقطه الواهب الف مرة، فانه بعد ذلك ايضا بالخيار، وهذا بخلاف الجواز الحقي، فانه يسقط بالاسقاط كما عرفته في أول البيع.

وأما الاصل بمعنى الاستصحاب، فهو انما يتم إذا شك في لزوم عقد وجوازه، بعد احراز انه تحقق لازما وثبت اللزوم له ولو في آن قبل الشك، فانه حينئذ لا بأس بالتمسك للاستصحاب لاثبات اللزوم، وأماإذا كان العقد حين التحقق جائزا ولم يطرء عليه اللزوم بعده ثم شككنا في جوازه ولزومه فحينئذ نستصحب الجواز فيثبت عكس المقصود، على أن الاستصحاب انما يتم في الشبهات الموضوعية وأما الشبهات الحكمية فقد حققنا في محله انه لا يجري فيها الاستصحاب لكونه مبتلى بالمعارضة دائما (1).

وعليه فإذا شككنا في أن عقد السبق والرماية جائز أو لازم فلا يمكن احراز اللزوم فيه بالاستصحاب كما هو واضح.

1 – مصباح الاصول 3: 56.