مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص550
2 – اعتبار القصد الى مدلول العقد في صحته
قوله ( رحمه الله ): مسألة: ومن جملة شرائط المتعاقدين قصدهما لمدلول العقد الذي يتلفظان به.
أقول: قد اتفقت كلمات الاصحاب (قدس سرهم) على هذا الشرط، حتي ارسلوه في كتبهم الفقهية ارسال المسلمات، ولذا لم ينقل الخلاف هنا من احد، بل في التذكرة ادعي الاجماع على ذلك.
ولا يخفي عليك ان الفقهاء وان اصابوا في اصل اعتبار القصد في العقد الا أنهم قد اخطاؤوا في اخذه من شرائط المتعاقدين أو العقد، بل انما هو من مقوماته بحيث لا يتحقق مفهومه بدون القصد.
وتوضيح ذلك اجمالا: انا ذكرنا في المباحث السابقة ان البيع مثلا ليس عبارة عن الانشاء الساذج، سواء أكان الانشاء بمعنى الايجاد المعنى باللفظ كما هو المعروف بين الاصوليين وغيرهم، أم كان عبارة عن اظهار امر نفساني بمبرز كما هو المختار عندنا، ولا ان البيع عبارة عن مجرد الاعتبار النفساني من دون اظهاره في الخارج بمبرز والا لزم تحققه بمجرد اعتبار البائع ملكية ماله لشخص آخر بازاء الثمن وان لم يظهر اعتباره بمظهر خارجي، ولا ريب ان كل ذلك بديهي البطلان.
بل حقيقة البيع عبارة عن الاعتبار النفساني المظهر بمبرز خارجي، سواءا أمضاه العرف والشرع أم لا، وسواء أكان في العالم شرع وعرف أم لا، وهكذا الكلام سائر الامور الانشائية برمتها من العقود والايقاعات والاوامر والنواهي وغيرها، واذن فلا يوجد أي عقد أو ايقاع الا بالقصد الذي هو فعل نفساني مع اظهاره بمبزر خارجي، وإذا انتفي احدهماانتفي الاخر، فان المركب ينتفي بانتفاء احد اجزائه.