مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص537
بالارادة والاختيار ومع القصد والعمد، لا في الافعال التي هي بنفسها موضوع للاحكام الشرعية من غير ان يعتبر فيها القصد والعمد كالجنابة، فانها توجب الغسل وان تحققت حال النوم، وكمباشرة النجاسات فانهاتوجب نجاسة البدن وان كانت المباشرة بغير التفات الى النجاسة، وكالاحداث الناقضة للطهارة وان صدرت جهلا أو غفلة أو بغير اختيار، فان شيئا من تلك الامور لا يتوقف تأثيرها على صدورها بالارادة والاختيار.
ولا ريب في ان اتلاف مال الغير من القبيل الثاني فانه يوجب الضمان وان صدر حال الغفلة والجهل وبدون الارادة والاختيار، ضرورة انه لم يؤخذ في قاعدة من اتلف عنوان آخر غير صدق الاتلاف.
ويضاف الى ذلك ما ذكرناه آنفا من اختصاص الحديث بما إذا كان للفعل العمدي اثر وللفعل الخطائي اثر آخر بالنسبة الى غير الفاعل فيحكم على فعل الصبي عندئذ بحكم الخطا، ومن الظاهر ان حكم العمد والخطأ لا يختلف في الاتلاف، واذن فلا يكون الاتلاف مشمولا للحديث.
أما الوجه الثاني: فقد عرفت آنفا ان المراد من دليل رفع القلم عن الصبي انما هو رفع الاحكام الالزامية عنه منذ نعومة اظفاره الى حد بلوغه، وهذا لا ينافي توجه تلك الاحكام عليه بعد زمان البلوغ، وقد تقدم ان فعل الصبي قد يكون موضوعا لتوجه الاحكام الالزامية عليه بعد بلوغه.
والسر في ذلك ان دليل رفع القلم والتكليف قد تعلق بالصبي فيدور مدار صبوته، وعلى هذا الضوء فاتلاف الصبي مال غيره سبب للضمان جزما ولكنه لا يستبع الحكم الالزامي الا بعد بلوغه وإذا بلغ توجه عليه