مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص189
وعليه فالمعاطاة بيع حقيقة فيعتبر فيها جميع ما يعتبر في البيع اللفظي من الشروط غير الصيغة، بديهة ان الشارع وان لم يمض الملكية المنشأة بالمعاطاة الى زمان خاص وحكم باباحة التصرف في المأخوذ بالمعاطاة في هذا الزمان، الا ان ذلك لا يخرج المعاطاة عن كونها بيعا عرفا وشرعا، كما ان حكمه بتوقف حصول الملكية على القبض في بيع الصرف والسلم لا يخرجهما عن حقيقة البيع.
2 – ان مقصود كل من المتعاطيين انما هو تمليك ماله لصاحبه بازاء ما يأخذه منه، وليس غرضهما من هذا التمليك بالعوض الا ايجاد البيع، وحيث انه فاقد للصيغة فيحكم بفساده كسائر المعاملات الفاقدة لشروطها، ولكن قام الاجماع على جواز التصرف للاخذ فيما اخذه بالمعاطاة، ولم يقم دليل على ذلك في سائر المعاملات الفاسدة، وبما ان الاجماع دليل لبي فيقتصر فيه بالمقدار المتيقن، وهو ان تكون المعاطاة واجدة لجميع شرائط البيع، حتى الشروط التي وقع الخلاف في اعتبارها فيه الا الصيغة.
وعلى الجملة ان ما قصده المتعاطيان لم يقع في الخارج، وقد قام الاجماع على جواز التصرف لكل منهما فيما اخذه من صاحبه، وايضا قد اقتضت الضرورة الشرعية حرمة التصرف في مال غيره بدون اذنه،فالجمع بين هذه الامور يقتضي جواز التصرف في المورد المتيقن، وهو البيع الجامع للشرائط.
وقد اتضح لك مما بيناه أنه لا يفرق فيما ذكرناه بين ان يكون اعتبار الشرط في البيع من ناحية الدليل اللفظي وبين ان يكون ذلك من ناحية الاجماع، فانه على كل تقدير لا يجوز التصرف في المأخوذ بالمعاطاة الا مع احتواء المعاطاة جميع شرائط البيع الا الصيغة.