مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص118
قيل: انا لو سلمنا دلالة الاية على جواز البيع وضعا وتكليفا، أو قلنا بدلالتها على حلية التصرفات واستكشفنا منها الملكية من أول الامر، لكنها لا تشمل المعاطاة لعدم صدق البيع عليه، إذ البيع اما من مقولة اللفظ – كما عن بعض الاعلام – بدعوى انه لو كان من قبيل المعنى لزم منه القول بالكلام النفسي الذي هو مدلول الكلام اللفظي، وهو باطل بالضرورة، أو انه من مقولة المعنى بدعوى انه لو كان من قبيل اللفظ لم يعقل انشاؤه باللفظ.
وعلى كلا التقديرين لا يصدق مفهوم البيع على المعاطاة، أما على الاول فواضح، وأما على الثاني فلان البيع وان كان من قبيل المعنى ولكن صدق عنوان البيع عليه يحتاج الى ابرازه باللفظ، إذ المفروض ان الكلام النفسي مدلول للكلام اللفظي، ومن الواضح جدا ان المعاطاة لم تبرز باللفظ فتكون خارجة عن حدود البيع جزما.
والجواب عن ذلك: ان البيع ليس اسما لمجرد اللفظ، والا لزم تحققه بالتكلم بلفظ بعت، وان لم يتحقق به الانشاء، ولا انه اسم للاعتبار النفساني غير المبرز بمظهر خارجي والا لزم تحققه بالاعتبار الساذج، وان لم يكن مبرزا في الخارج، بل هو اسم للاعتبار النفساني المظهر بمبرز خارجي، ومن الواضح انه لا يعتبر في المبرز ان يكون من قبيل الالفاظ، بل كما يصح ابراز الاعتبار النفساني باللفظ كذلك يصح ابرازه بغيره، وعلى كل حال لا صلة للمقام بالكلام النفسي الذي ذكرنا بطلانه في محله (1).
1 – قوله ( رحمه الله ): وجه التمسك بقوله تعالى: الا أن تكون تجارة عن تراض.
تقريب الاستدلال به على نحوين كما عرفت في الاية المتقدمة، لان الاكل في الاية كنايةعن التملك لا الاكل الخارجي، فنهي سبحانه عن تملك الاموال بالاسباب الباطلة الا أن تكون تجارة عن تراض، فيجوز التملك بها، فحينئذ ان قلنا بأن الجواز إذا استند الى الاعتبارات العرفية يراد به الصحة فتدل الاية بالمطابقة على صحة ذلك، وان قلنا بأنه ظاهر في الجواز التكليفي فبالدلالة الالتزامية العرفية تدل عليها على ما عرفت في الاية السابقة.
ثم لا يخفى ان ما حكي عن الغنية من دعوى الاجماع على أن المعاطاة ليست بيعا فهو مكابرة للوجدان، فان القائل بعدم افادتها الملك ايضا لا ينفي صدق البيع عليها عرفا، ومن هنا حمل كلامه على نفي الصحة أو اللزوم.