مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص60
وغيرهما من الالفاظ المفردة والمركبة التي هي من الامارات الجعلية.
نعم تفترق الجمل الانشائية عن الجمل الخبرية بأن الجمل الانشائية انما وضعت بهيئاتها الانشائية لابراز أمر ما من الامور النفسانية، وهذا الامر النفساني قد يكون اعتبارا من الاعتبارات، كما في الامر والنهي والعقود والايقاعات، وقد يكون صفة من الصفات، كما في التمنيوالترجي.
ولاجل ذلك ان الجمل الانشائية لا تتصف بالصدق تارة وبالكذب اخرى، إذ ليس في مواردها خارج تطابقه النسبة الكلامية أو لا تطابقه، وهذا بخلاف الجمل الخبرية فانها موضوعة لابراز قصد الحكاية عن الثبوت أو السلب، وعليه فالهيئات التركيبية للجمل الخبرية امارة على قصد المتكلم للحكاية عن النسبة، وهذه الحكاية قد تطابق الواقع فتكون الجملة صادقة وقد تخالفه فتكون كاذبة.
وقد اتضح لك مما ذكرناه ان المتصف بدأ بالصدق والكذب في الجمل الخبرية انما هو الحكاية عن الواقع، وأما اتصاف الجملة الخبرية بهما انما هو من قبيل وصف الشئ بحال متعلقه.
والمتحصل مما بيناه ان استعمال اللفظ في المعنى ليس الا اظهار المقاصد النفسانية بمبرز خارجي سواء في ذلك الجمل وغيرها، واذن فالانشاء من مصاديق استعمال اللفظ في المعنى بلا ارتباط له بايجاد المعنى باللفظ (1).
1 – ثم ان الانشاء قد يكون موضوعا لحكم الشارع أو العقلاء وامضائهم، وقد لا يكون، كما ان المسافر يكون موضوعا لوجوب القصر والحاضر موضوعا لوجوب التمام، ولا معنى لان يتسبب المنشئ بالانشاء الى اعتبار الشارع كما لا يتسبب الى حكمه بوجوب القصر في السفر، وهكذا لا يتسبب المنشئ بالانشاء الى اعتبار العقلاء، بل يمكن ان يتحقق البيع مع عدم وجود عاقل في العالم سوى المتبايعين، ومع وجودهم ايضا، فالغالب ان المتبايعين لا يقصدان التسبب الى ذلك، بل يكونان غافلين عن اعتبار العقلاء.
وبالجملة فكما لا يوجد المعنى بالانشاء كذلك لا يتسبب به الى اعتبار الشارع أو العقلاء اصلا، بل ليس في مورده سوى ابراز الاعتبار النفساني، وربما يترتب عليه اعتبار العقلاء أوالشارع، وهذا غير التسبيب، وما ذكرناه جار في جميع الانشاءات من العقود والايقاعات من غير فرق بينهما – المحاضرات 2: 26.