مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص53
ببقائه كما حكم بحدوثه وقد يحكم بارتفاعه، ولو كان ذلك باختيار احد المتعاملين أو كليهما، نعم المتبع في ذلك في مقام الاثبات هو الادلة الشرعية.
وعلى الجملة، ان الجواز واللزوم الوضعيين، كالجواز واللزوم التكليفيين، فان جميعها من الاحكام الشرعية ولا تفاوت في ماهيتها وذواتها وان اختلفت آثارها، فاعطف نظرك هل ترى فارقا بين جواز قتل المشرك الذي يسمى حكما شرعيا، وبين سلطنة ولي الدم على قتل القاتل الذي يسمى حقا شرعيا لقبوله الاسقاط، ثم ارجع البصر كرتين هل ترى فارقا بين حق الحضانة والابوة والولاية واشباهها مما لا يقبل الاسقاط، وبين حق الشفعة وحق الخيار القابلين للاسقاط، فافهم واغتنم.
ومن الغريب ان جمعا من الفقهاء تصدوا لبيان الفارق بين الحق والحكم، حتى ان بعضهم قد الحقه بالبديهيات، زعما منه ان الاختلاف بينهما اظهر من الشمس وابين من الامس.
وذكر جماعة ان الحق مرتبة ضعيفة من الملكية وصاحبه مالك لشئ يرجع أمره إليه، بخلاف الحكم فانه مجرد جعل الرخصة في فعل شئ أو تركه، أو الحكم بترتب اثر على فعل أو ترك.
وذكر طائفة ان الحق ما يقبل السقوط والاسقاط أو النقل والانتقال، بخلاف الحكم فانه لا يقبل شيئا من هذه الامور، الى غير ذلك مما ذكروهفي هذا المقام، ولكنك قد عرفت أنه لا يرجع شئ من ذلك الى محصل.
نعم، لا مانع من تخصيص اطلاق الحق اصطلاحا بطائفة من الاحكام، وهي التي تقبل الاسقاط، إذ لا مشاحة في الاصطلاح.