مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج2-ص32
وتوضيح ذلك: ان الهيئات المجردة لم يلحظ فيها تجاوز المادة عن الفاعل الى غيره بحسب وضع الواضع، بل التجاوز فيها اما ذاتي كجملة من الافعال المتعدية، نظير ضرب وخدع ونصر ونحوها، أو بواسطة الاداة كما في الافعال اللازمة، مثل جلس وذهب وامثالهما، وقسم من الافعال المتعدية كلفظ كتب ونظائره، بديهة ان تجاوز المادة في القسمين الاخيرين الى غير الفاعل انما هو بواسطة الاداة، فيقال: جلس إليه، وكتب إليه.
نعم لا شبهة في ان كلمة: كتب تدل على تجاوز المادة وهي الكتابة الى المكتوب فقط دون المكتوب إليه، الذي هو مورد بحثنا، وإذا اريد تجاوز تلك المادة الى المكتوب إليه، فلابد من الاستعانة بكلمة الى.
وأما هيئة المفاعلة كخادع وضارب وقامر ونحوها، فان حيثية تعدية المادة عنها الى غيرها ملحوظة فيها مطابقة في مقام افادة النسبة، وهذا بخلاف الافعال المجردة المتعدية كضرب ونصر وخدع ونحوها، فانالتعدية فيها من ذاتيات مفادها.
وعليه فإذا صدر فعل من احد كان اثره خداع غيره، صدق عليه انه خدعه ولا يصدق عليه أنه خادعه، الا إذا تصدى لخديعة غيره، وكذلك الحال في ضرب وضارب ونصر وناصر واشباهها من الافعال المتعدية، ومن هنا يفرق بين ضار ومضار، فان سمرة بن جندب لما أبا عن الاستئذان من الانصاري عند الدخول على عذقه من منزل الانصاري قال له النبي ( صلى الله عليه وآله ): انك رجل مضار (1)، أي متصد لاضرار الانصاري.
والجواب عن ذلك: ان هيئة المفاعلة لا تتقوم الا بصدور الفعل من الاثنين، لما عرفته آنفا من دلالة المفاعلة على المشاركة في الغالب،
1 – الكافي 5: 292.