مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص773
طعام الغير في المجاعة، والتصرف في أرضه لانجاء الغريق، وأكل المارة من ثمرته، وأكل اللقطة بعد التعريف المقرر في الشريعة، والتصرف في الاراضي المتسعة والانهار الكبار، وكالتصرف فيما يؤخذ ممن لا يعتقد الخمس، فان الائمة (عليهم السلام) قد جعلوا شيعتهم في حل من ذلك واقعا ليطيب نسلهم، ولكن لا يمكن الذهاب الى ذلك في مقام الاثبات الا فيما دل الدليل عليه كما في الموارد المذكورة.
نعم يظهر ذلك من اطلاق جملة من الروايات، كقوله (عليه السلام) في رواية أبي ولاد المتقدمة: فلك المهنا وعليه الوزر (1)، وغير ذلك من الاخبار، ولكن العمل باطلاقها يقتضي اباحة أخذ الجائزة من الجائر حتى مع العلم التفصيلي باشتمالها على الحرام ولم يتفوه به احد، وعليه فلا بد من رفع اليد عن اطلاقها وحمله على الشبهات البدوية أو المقرونة بالعلم الاجمالي الذي لا يوجب التنجيز.
ولنا ان نمنع دلالة تلك الروايات على جواز أخذ الجائزة من الجائر مطلقا، فان السؤال فيها من جهة ما هو مرتكز في اذهان الناس، من أن الجائر لا يبالي بالحرام، وحينئذ فتكون أمواله مشتبهة بالحرام، إذ ليست أموال الجائرين مقطوعة الحرمة ليكون ذلك احتمالا موهونا في حقهم.
ويلوح هذا المعنى من بعض تلك الروايات، كصحيحة أبي ولاد التي تقدمت، بل الظاهر من بعضها تقييد الحكم بصورة الشك فقط، كرواية اسحاق بن عمار (2).
1 – التهذيب 6: 338، الفقيه 3: 108، عنهما الوسائل 17: 213، وقد مر قبيل هذا.
2 – عن اسحاق بن عمار قال: سألته عن الرجل يشتري من العامل وهو يظلم، قال: يشتري منه ما لم يعلم انه ظلم فيه احدا (التهذيب 7: 132، عنه الوسائل 17: 221)، موثقة باسحاق بن عمار.