مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص738
أقول: حاصل كلامه ان معظم الاصحاب (1) قد صرحوا بجواز الارتزاق من بيت المال لكل من يحرم عليه أخذ الاجرة على الاتيان بالواجبات، كالقضاء والافتاء وتجهيز الميت، أو الاتيان بالمستحبات كالاذان ونحوه.
والوجه في ذلك ان بيت المال معد لمصالح المسلمين، وهذه الموارد من جملتها، لعود النفع إليهم، فان أي شخص إذا أتى بأي شئ يرجع الى الجهات الراجعة الى مصالح المسلمين، كالامور المذكورة وغيرها جاز لولي الامر أن يدر عليه من بيت المال ما يرفع به حاجته.
ولا يفرق في ذلك بين أن يكون المقدار المقرر لهم أقل من اجرة المثل أو مساويا لها أو اكثر منها، ولا بين أن يكون تعيين ذلك قبل قيام هؤلاء بالوظائف المقررة عليهم أو بعده، بل يجوز لولي المسلمين أن يقول لاحد منهم: اقض في البلد أو اذن وانا اكفيك مؤونتك من بيت المال، ولايكون ذلك اجارة ولا جعالة.
نعم يشترط في جواز الارتزاق من بيت المال أن يكون المتصديللمناصب المذكورة والوظائف المقررة من ناحية الشرع محتاجا إليه، بحيث لا يقدر على قوت نفسه وعياله ولو بالتكسب، والا فلا يجوز له الارتزاق من بيت المال فانه تضييع لحقوق المسلمين.
أقول: لو قلنا بحرمة اخذ الاجرة على الواجبات أو المستحبات، فان الادلة الدالة على الحرمة مختصة بعنوان الاجرة والجعل فقط، فلا تشمل بقية العناوين المنطبقة على المتصدين لتلك الوظائف،
1 – كالشيخ في المبسوط 8: 160، والحلي في السرائر 1: 215، 2: 217، والمحقق في الشرايع 2: 11، 4: 69، والعلامة في القواعد 1: 121، 2: 202، والشهيد في الدروس 3: 172، راجع مفتاح الكرامة 4: 95 – 99.