مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص716
ومن هذا القبيل ما وردت في الشريعة المقدسة عبادات من الادعية والنوافل لشتى الاغراض الدنيوية، كسعة الرزق وقضاء الحوائج، واداء الدين وارتزاق الولد، ودفع الشرور وعلاج المصاب، وغيرها من الجهات الدنيوية، ولم يتوهم احد منافاتها للاخلاص، مع أنها من المنافع الدنيوية، والظاهر انه لا فارق بينها وبين المقام.
وقد اشكل عليه المصنف (رحمه الله) بانه فرق بين الغرض الدنيوي المطلوب من الخالق الذي يتقرب إليه بالعمل، وبين الغرض الحاصل من غيره، وهو استحقاق الاجرة، فان طلب الحاجة من الله سبحانه ولو كانت دنيوية محبوب عند الله، فلا يقدح في العبادة، بل ربما يؤكدها.
وقد سجل هذا الاشكال غير واحد من الاعاظم، كصاحب البلغة وغيره.
وفيه: ان غرض المكلف من الاتيان بالصلاة مثلا قد يكون سعة الرزق وغيرها، بحيث لا يتوسط التقرب في البين اصلا، فلا شبهة في بطلان هذا النحو من العبادة، من غير فرق بين ما نحن فيه وبين العبادات ذات النتائج الدنيوية كصلاة جعفر (عليه السلام) وغيرها، وقد تكون غاية المكلف غاية من العبادة والتقرب من الله، بحيث يكون طالبا لها بعبادته وتقربه من المولى، فهذا لا ينافي العبادية، وما نحن فيه من هذا القبيل، وعليه فلا فارق بين المقامين.
وقد يتوهم ان قصد التقرب انما يتمشى في خصوص الاجارة، لانك قد عرفت ان الاجرة فيها تملك بمجرد العقد وان امتثال العبادات المستأجر عليها يستند الى امر المولى، الا ان ذلك لا يجري في الجعالة، إذ العامل فيها لا يستحق الجعل ولا يملكه الا باتمام العمل، فيستند امتثال العبادة الى داعي تحصيل الجعل، وهو مناف للاخلاص فيها.