مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص695
شرعت لغاية حفظ النفس، فإذا لم تكن هذه الغاية موجودة، بل كان الشخص مقتولا لا محالة، اتقي أو لم يتق، فلا تقية، لانتفاء ما هو الغرض من تشريع التقية (1).
ومع الاغضاء عما ذكرناه، فان ما افاده انما يلائم قوله (عليه السلام) في رواية محمد بن مسلم: انما جعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فليس تقية، فانه يمكن أن يتوهم منها ان الغاية من التقية هي حفظ الدم، وإذا كان لا بد للظالم من اراقة الدم فلا موضوع للتقية.
ولكن يبائنه قوله (عليه السلام) في رواية أبي حمزة الثمالي: انما جعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية، فان هذه الرواية ظاهرة بل صريحة في ان التقية إذا توقفت على اراقة الدم فلا تقية، فتكون هذه الرواية قرينة لبيان المراد من الرواية الاولى ايضا.
ثم انه لا فرق بين افراد المؤمنين من حيث الصغر والكبر، ولا من حيث الرجولة والانوثة، ولا من حيث العلم والجهل، ولا من حيث الحرية والعبودية، لاطلاق قوله (عليه السلام): انما جعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية.
وأما الاكراه، وقد تقدم معناه في الامر الثاني، فهو لا يسوغ قتل النفس المحترمة بلا خلاف بين الفريقين، والوجه فيه هو ما تقدم، من أن الادلة الدالة على نفي الاكراه والضرر والحرج واردة في مقام الامتنان،ومن الواضح ان الاضرار بالغير مناف للامتنان فلا يكون مشمولا لها، فتبقى الادلة الدالة على حرمة قتل النفس المحترمة سليمة عن المزاحم.
1 – حاشية المكاسب للمحقق الايرواني: 47.