مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص604
ولكن الذي يسهل الخطب ان السيرة القطعية بين المتشرعة قائمة على جواز خلف الوعد وعلى عدم معاملة من اخلف بوعده معاملة الفساق، ولم نعهد من اعاظم الاصحاب أن ينكروا على مخالفة الوعد كانكارهم على مخالفة الواجب وارتكاب الحرام، فهذه السيرة القطعية تكون قرينة على حمل الاخبار المذكورة على استحباب الوفاء بالوعد وكراهة مخالفته.
نعم الوفاء به والجري على طبقه من مهمات الجهات الاخلاقية، بل ربما توجب مخالفته سقوط الشخص عن الاعتبار في الانظار، لحكم العقل على مرجوحيته.
ومع ذلك كله فرفع اليد عن ظهور الروايات وحملها على الاستحباب يحتاج الى الجرأة، والاوفق بالاحتياط هو الوفاء بالوعد.
وقد يستدل على الحرمة ايضا بقوله تعالى: لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون (1)، حيث قيل: كبر ان تعدوا من أنفسكم ما لا تفون به مقتا عند الله (2)، وقد استشهد الامام (عليه السلام) بهذه الاية ايضا على ذلك في بعض الروايات المتقدمة في الحاشية.
وفيه: ان الاية اجنبية عن حرمة مخالفة الوعد، فانها راجعة الى ذم القول بغير العمل، وعليه فموردها احد الامرين على سبيل مانعة الخلو: 1 – أن يتكلم الانسان بالاقاويل الكاذبة، بأن يخبر عن اشياء مع علمه بكذبها وعدم موافقتها للواقع ونفس الامر، فان هذا حرام بضرورة الاسلام كما تقدم.
1 – الصف: 2.
2 – مجمع البيان ط صيدا 5: 278.