مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص100
وثانيا: ان الظاهر من الدم المذكور في المرفوعة هو الدم النجس الذي تقذفه الذبيحة المسمي بالمسفوح لكثرته ومرسومية أكله في زمن الجاهلية، دون الطاهر المتخلف فيها الذي يباع بتبع اللحوم كثيرا، فانه من القلة بمكان لم يكن مورد الرغبة لاهل الجاهلية، لينجر ذلك الى أن يمر علي (عليه السلام) بالقصابين وينهاهم عن بيعه، ولعله لذلك لم يذكر الله تعالى في القرآن الا الدم المسفوح (1).
اذن فالرواية لا تشمل الدم الطاهر، فلا تدل على حرمة بيعه مطلقا لكونها اخص من المدعي.
ولكن يمكن أن يقال: ان تعارف أكل الدم النجس وغلبته في الخارج لا يوجب اختصاص المنع المذكور في الرواية بل يعم الدم الطاهر ايضا، ويدل على ذلك من الرواية ذكر الطحال فيها، فان الامام (عليه السلام) بين كونه من الدم، وفي رواية اخرى: لانه دم (2).
الا أنه مع ذلك لا نسلم دلالة المرفوعة على أزيد من حرمة بيعه للاكل فقط تكليفا أو وضعا ايضا، كما نبه على ذلك العلامة الانصاري (رحمه الله) وقال: فالظاهر ارادة حرمة البيع للاكل، ولا شك في تحريمه لما سيجئمن ان قصد المنفعة المحرمة في المبيع موجب لحرمة البيع بل بطلانه وأما حرمة بيعه لغير الاكل فلا دلالة عليه من الرواية لا وضعا ولا تكليفا، والشاهد لذلك انه لا ريب في جواز بيع الامور المذكورة فيها لغير الاكل كاطعام الحيوان ونحوه.
1 – قوله تعالى: أو دما مسفوحا، الانعام 146.
2 – اسماعيل بن مرار عنهم (عليهم السلام) قال: لا يؤكل مما يكون في الابل – الى ان قال: – الطحال، لانه دم (الكافي 6: 254، التهذيب 9: 74، عنهما الوسائل 24: 172)، مجهولة لاسماعيل بن مرار.