مصباح الفقاهة (ط . ج)-ج1-ص78
وقد تمسك بعض العامة بذلك عند بحثنا معه في حرمة شرب التتن وأجبنا عنه بانه لو صح ما أضر كثيره فقليله حرام للزم الالتزام بحرمة جميع المباحات، فان من الواضح انه ما من شئ في العالم الا وتكون مرتبة خاصة منه مضرة للمزاج.
حرمة بيع شحوم ما لا يؤكل لحمه: قوله: ولا ينافيه النبوي: لعن الله اليهود (1).
أقول: وجه التنافي هو توهم الملازمة بين حرمة الاكل وحرمة البيع، وأجاب عنه المصنف بان الظاهر ان الشحوم كانت محرمة الانتفاع على اليهود بجميع الانتفاعات لا كتحريم شحوم غير مأكول اللحم علينا.
وفيه: انه لا منشأ لهذا الظهور لا من الرواية ولا من غيرها، بل الظاهر منها حرمة أكلها فقط، كما هو المستفاد من الاية (2) ايضا، فان الظاهر منتحريم الشحوم فيها تحريم أكلها لكونه منفعة ظاهرة لها، الا أنك عرفت في البحث عن النبوي المشهور ان حرمة الاكل لا يستلزم حرمة البيع وضعا وتكليفا باتفاق من الشيعة ومن العامة.
1 – عن جابر بن عبد الله انه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول عام الفتح وهو بمكة: ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فانها تطلي بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس، فقال: لا، هو حرام، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قاتل الله اليهود ان الله لما حرم عليهم شحومها جملوه – أي اذابوه – ثم باعوه وأكلوا ثمنه (راجع سنن البيهقي 6: 12، وسبل السلام 2: 316، وصحيح البخاري باب لا يذاب شحم الميتة 2: 107، وباب بيع الميتة 2: 110)، وتقدم ايضا بعض روايات الشحوم.
2 – قوله تعالى: وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما (الانعام: 147).