المکاسب المحرمة , الاول-ج1-ص283
وغيره في ساير عيوبه إلى غير ذلك من الموارد المشتبهة التى لا بد من التماس دليل على تسويغها، وقد استدل على المطلوب بل على اطلاقه بامور: منها قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم وكان الله سميعا عليما، (1) والاستدلال به لاصل المطلوب يتوقف على كون الاستثناء متصلا وكونالاستثناء من الجهر بالسوء، وكان تقديره لا يحب الله الجهر الا جهر من ظلم، فيكون بقرينة الاستثناء في مقام بيان الجهر بالسوء فيؤخذ باطلاقه لانواع الجهر بالسوء كالشتم والدعاء بالسوء والغيبة، ويتوقف اطلاع المطلوب على احراز كونه في مقام بيان عقد الاستثناء ايضا، ويمكن الخدشة في جميع ذلك، لعدم دافع لاحتمال كون الاستثناء منقطعا سيما مع عدم امكان استثناء من ظلم من ظاهر الكلام فيحتاج إلى تقدير.
وما يقال: ان الاصل في الاستثناء الاتصال ان لم يرجع إلى ظهور في الكلام لايتبع ويشكل دعوى الظهور في المقام بعد كون الاتصال متوقفا على التقدير وهو خلاف الاصل ايضا وقد حكى عن ابن الجنى انه منقطع (2) وعن ابن عباس (3) وجماعة اخرى قرائة من ظلم معلوما وعليه يكون منقطعا ويكون المعنى، لكن من ظلم لا يخفى امره على الله تعالى، بقرينة سميعا عليما، أو كان التقدير لكن من ظلم جهر بظلامته و من ظلم جهر بظلمه، وعدم دليل على ان الاستثناء يكون من الجهر والتقدير، الا جهر من ظلم، لاحتمال كون التقدير في المستثنى منه ويكون التقدير، لا يحب الله الجهر من احد بالسواء الا من ظلم، أو جهر احد الا من ظلم، فيكون في مقام بيان الاشخاص لا الاقوال كما هو ظاهر عبارة تفسير القمى (4).
فكأنه قال: لا يجوز من احد الجهر الا ممن ظلم، واما ان كل جهر لا يجوز فلا اطلاق لاثباته بل في مقام الاهمال من هذه الجهة فلا تدل الآية على حرمة الغيبة
(1) سورة النساء – الاية 147.
(2) راجع مجمع البيان – في تفسير الاية المتقدمة.
(3) وسعيد بن جبير والضحاك وعطاء بن السائب وغيرهم.
(4) ص 145 – في تفسير الاية المتقدمة.