المکاسب المحرمة , الاول-ج1-ص199
ومده، وارتفاعه، وانخفاضه، واتصاله، وانفصاله: سمى بالغناء، وقد وضع لبيان هذه النسب واقسامها فن الموسيقى الذى هو احد اقسام العلوم الرياضية، ويخص في تناسب الالات باسم الايقاع، والعود بينها ميزان الغناء يعرف به صحيح الغناء من فاسده كما يعرف بالمنطق صحيح القضايا من فاسدها وعلى اوتارها الاربعة وكيفية شدها والاصبع التى يضرب بها يعرف اقسام الغناء ثم قال وإذا انشد الشعر على طبق مقررات الفن، اوجب لسامعه إذا كان من متعارف الناس: الطرب الخارج عن المتعارف حتى يكاد ان يفعل فعل المسكر فيصدر من الشريف الحكيم ما يأنف منه الانذال من اقوال وافعال يشبه اقوال السكارى وافعالهم، وفى كتب المحاضرات والتاريخنجد حكايات ان تأملتها علمت ان ولع الغناء بالعقل لا يقصر عن الخمر بل يربو عليه.
ثم قال: تقييد الصوت بصوت الانسان لمتابعة العرف فان اصوات البلابل وان تناسب واطربت لا يسمى غناء وبقيد التناسب يخرج ما اوجب الطرف بغيره من حسن الصوت اللغوى ذاتا أو لحسن صاحبه أو لحسن الفاظه ومعانيه ونحو ذلك، وبقيد المتعارف يخرج الخارج عنه، فلا اعتبار بمن هو كالجماد كما لا اعتبار بمن يطرب بادنى سبب كما ان الحال كذلك في حد المسكر، وبقولي: تكاد ان تذهب بالعقل يخرج الطرب الخفيف إذ لا اعتبار به كما لا اعتبار بالفرح والنشاط الحاصلين من بعض المشروبات المفرحة ما لم يبلغ مرتبة يزيل العقل عن المتعارف، وبالجملة الطرف في الغناء كالسكر في الشراب والعلة في تحريمه عين العلة فيه وهو ازالة العقل ثم تصدى لبيان عدم الاختلاف في كلمات علماء اللغة في ذلك وان مغزى الجميع واحد وان اختلف التعبير.
ثم قال: وفذلكة القول: ان الغناء هو الصوت المتناسب الذى من شأنه بما هو متناسب ان يوجد الطرب اعني الخفة بالحد الذى مر، فما خرج منه فليس من الغناء في شئ وان كان الصائت رخيم الصوت حسن الاداء واحسن كل الاحسان ووقع من سامعه اقصى مراتب الاستحسان، كما انه من الغناء الصوت المتناسب وان كان منابح ردى الصوت ولم يطرب بل اوجب عكس الطرب كما قيل (إذا غناني القرشى
دعوت الله بالطرش) فبين كل من الغناء والصوت المستحسن عموم من وجه وهو