المکاسب المحرمة , الاول-ج1-ص169
كانت الصور والتماثيل فيها بنحو التجسيم كهيئة غزال مثلا نائم أو قائم بحيث كان صدق عليه الغزال المجسم: كان لاجل القرائن، ولهذا لو سئل عن العرف ان هذه الصورة أو المثال صورته من جميع الوجوه لاجاب بالنفى، ولا اقل من كون الصدق الحقيقي محلا للشك سيما مع الشواهد المذكورة في الجواهر وغيره وشواهد اخر تأتى الاشارة إلى بعضها ولو نوقش فيما ذكرو ادعى الصدق العرفي في المجسم وغيره.
فنقول ان الظاهر طايفة من الاخبار بمناسبة الحكم والموضوع ان المراد بالتماثيل والصور فيها هي تماثيل الاصنام التى كانت مورد العبادة، كقوله: من جدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج عن الاسلام (1) وقوله: من صور التماثيل فقد ضاد الله (2) وفيه احتمال آخر ينسلك به في الطايفة الثانية، وقوله: اشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبى ورجل يضل الناس بغير علم ومصور تصور التماثيل (3) وقوله: ان من اشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون وامثالها فان تلك التوعيدات والتشديدات لا تناسب مطلق عمل المجسة أو تنقيش الصور، ضرورة أو عملها لا يكون اعظم من قتل النفس المحترمة أو الزنا أو اللواطة أو شرب الخمر وغيرها من الكبائر، والظاهر ان المراد منها تصوير التماثيل التى هملها عاكفون مع احتمال آخر في الاخيرة، وهو ان المراد بالمصورون القائلون بالصورة والتخطيط في الله تعالى كما هو مذهب معروف في ذلك العصر.
والمظنون الموافق للاعتبار وطباع الناس، ان جمعا من الاعراب بعد هدم اساس كفرهم وكسرا صنامهم بيد رسول الله صلى الله عليه وآله وامره: كانت علقتهم بتلك الصور والتماثيل باقية في سر قلوبهم، فصنعوا امثالها حفظا لآثار اسلافهم وحبا لبقائها كما نرى حتى اليوم علاقة جمع بحفظ آثار المجوسية وعبدة النيران في هذه البلاد حفظا لاثار اجدادهم، فنهى النبي صلى الله عليه وآله عنه بتلك التشديدات والتوعيدات التى
(1) الوسائل – كتاب الصلوة – الباب 3 – من ابواب احكام المساكن ضعيفة بابى الجارود.
(2) و (3) المستدرك – كتاب التجارة – الباب 75 – من ابواب ما يكتسب به