المکاسب المحرمة , الاول-ج1-ص93
ان يكون فعله علة تامة لتحقق الحرام من الغير كما هو مقتضى عنوان البحث والمثال بالمكره (وفيه) ان العلة التامة ما لا تكون لغيرها في تحقق المعلول دخالة، ويكون تمام التأثير في ايجاده مستندا إليها، والا لا تكون تامة، وفى المقام لا يمكن تصور كون العلة التامة هو المكره بالكسر لعدم دخالته في الايجاد الا تحصيل مورد ترجيح الفاعل المباشر بين ارتكاب الفعل وتحمل ما اوعدهالمكره عليه، وبعد فهو باق على اختياره واصطفائه احد طرفي الفعل.
فالمكره لا يسلب اختيار المكره، فانه عبارة عن اصطفاء ما هو خير له، وهو باق على قوة التميز وترجيح احد طرفي الفعل واصطفائه على الاخر، من غير فرق بين الطرف المكره عليه والطرف الاخر وان يرجح غالبا اولهما، لكونه اقل محذورا، لا لكونه مسلوب الاختيار والارادة.
ولهذا يحرم عليه مع الاكراه الاقدام على القتل، ويعاقب عليه ويقتل قصاصا فالفرق بين الفاعل المكره وبين المختار الاصطلاحي: ليس في وجود الاختيار وعدمه بل في امر مقدم على الاختيار الواقعي، وهو تحقق مورد الترجيح العقلي احد الطرفين، فانه قد يحصل بعلل غير اكراه المكره، كمن دار امره لاجل مرض بين الموت وقطع اليد فلا يقال انه مكره عليه بل هو مضطر فيه، أي يلجأه العقل بترجيح المصلحة الغالبة على المفسدة، أو بالفرار من المحذور الكثير إلى القليل من غير سلب قوة التميز والاختيار والارادة عنه، وقد يحصل باكراه مكره فدار امره بين تحمل ما أو عده عليه من القتل وغيره، وبين اتيان ما امره به، وفى هذه الصورة ايضا لم تسلب عنه المبادى المتقدمة بل يرجح اقل المحذورين ويختاره ويريده، وما هو كذلك شأنه كيف يمكنان يكون علة تامة للفعل الصادر من المكره، بل قلنا في محله، ان ارادة الفاعل المباشر ايضا ليست علة تامة لوجود الفعل وتحققه خارجا، ضرورة توسط مبادا خربينها و بين وجود الفعل الخارجي كالقوى المنبثة في الاوتار والاعصاب ونفس الاوتار والاعصاب والعضلات، فالنفس في العالم الطبيعي فاعلة بالالة، وما هي شانها: لا تكون ارادتها علة تامة للفعل الخارجي فضلا عن كونها بالنسبة إلى الفعل المكره عليه كذلك، و