جامع المدارک فی شرح المختصرالنافع-ج6-ص19
مع الحكم بالحق لم يكن فاسقا حتى لا يكون حكمه نافذا ويكون الاخذ بعنوان المقاصة لا من جهة الحكم وقد يستظهر كراهة قبول الهدية أيضا وإن لم يكن بقصد الحكم للمهدي بالباطل أو الاعم من الحق والباطل لما روي من غير طرقنا أنه صلى الله عليه وآله قال ” هداياالعمال غلول ” (1) وفي اخرى ” هدية سحت ” (2) واخرى ” إن النبي صلى الله عليه وآله إستعمل رجلا من بني أسد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم وهذا لي اهدي إلى قال: أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت امه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا، و الذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منه شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمله على عنقه إن كان بعيرا له رغاء، أو بقرة له خوار أو شاة تيعر ثم رفع يده حتى رأينا عفرتي إبطيه، ثم قال: اللهم هل بلغت أللهم هل بلغت (3) “.
ويمكن أن يقال: إن اخذ بمضون مثل الرواية المذكورة فلا بد من القول بالحرمة، ومع عدم الاخذ ما وجه الكراهة ويمكن إستفادة عدم الحرمة مما دل على حرمة الرشوة، فان الرشوة بذل بلحاظ الحكم بالباطل أو الاعم منه والحكم بالحق والهدية فاقدة لهذه الخصوصية فمع تعلق الحرمة بنفس البذل بنحو الاطلاق ما وجه تعلقها مع الخصوصية إلا أن تكون الخصوصية لجهة اخرى غير المدخلية في الحرمة وأما وجوب إعادة الرشوة فلو جوب رد المغصوب، والمأخوذ بغير حق بمنزلة المغصوب، والمغصوب مردود، وقد يستفاد وجوب الرد من حيث ” على اليد ما أخذتحتى تؤديه ” وتمام الكلام في كتاب التجارة وكتاب الغصب (النظر الثالث في كيفية الحكم وفيه مقاصد، الاول في وظائف الحاكم وهي أربع الاولى التسوية بين الخصمين في السلام والمكان والكلام والنظر والانصاف والعدل
(1) رواه أحمد والبيهقي عن أ بي حميد الساعدي في الضعيف.
(2) الترغيب والترهيب ج 3 ص 181.
(3) أي تصحيح، واليعار صوت الشاة.
(4) أي أخرجه مسلم باب تحريم هدايا العمال.