مستند الشیعة فی احکام الشریعة-ج8-ص182
أضبط ودلالة النص عليه أقوى، والتقدير ثالثة، لكونه تحقيقا، والاحتياط بالقصر والاتمام في مقام الاختلاف رابعة.
وذلك لان مسيرة يوم أمر مطلق، مختلفة الافراد قطعا، لتفاوتها باعتبار اختلاف السير في كيفية السير، ونفس سير المراكب، والامكنة، والازمنة، والراكب، والاثقال، واختلاف الايام.
والاخبار المقيدة بثمانية فراسخ مقيدة.
وحمل المطلق على المقيد واجب، فيتعين الحمل على الفراسخ.
وأضبطية السير ممنوعة.
مع أن الوارد في الاخبار المتقدمة ضبط مسيرة يوم أيضا بالفراسخ، فيعلم أنها المراد منها، وإن كان ذلك لاجل علمهم بأنها الاغلب للعامة في مسيرة اليوم.
ألا ترى أنه إذا أمر الشارع بالاطعام بقدر تشبع عامة الناس، ثم عينه بالمد يحمل عليه ؟ ! ولقد أجاد بعض بعض الاجلة في شرحه على الروضة (1)، حيث قال – بعد ذكر ما نقلنا عن بعض المتأخرين -: لا مجال لاعتبار السير إذا خالف التقدير، فإن الاخبار الناطقة بالتقدير مما لا تحصى كثرة، والناطقة بالسير لا شك أنها مطلقة بالنسبة إلى الاولة، ولابد من حمل المطلق على المقيد، لا سيما وبعضها مصرح بتقييد ذلك المطلق بذلك القيد.
هذا، مع أن تعليق الحكم الشرعي بالامر المنضبط أولى من تعليقه بأمر مضطرب، وأن التقصير في أقل ذلك مخالف للاصل من وجهين،فإن الاصل بقاء حكم الاتمام وعدم التقصير، والاصل عدم تحقق الشرط.
فالتقدير بثمانية فراسخ مما لا ينبغي الشك فيه.
انتهى.
وعلى هذا فاللازم الرجوع إلى تعيين معنى الفرسخ بالفحص في الاخبار، فإن تعين [ وإلا ] (2) فالرجوع إلى اللغة أو العرف.
فإن قلت: التقدير كما ورد بالفراسخ ورد بالبريد والاميال أيضا، ومع ذلك يظهر من الاخبار اتحاد الثلاتة، فهلا جعلت الحد أحد الاخيرين، والرجوع إلى
(1) الظاهر هو ” المناهج السوية في شرح الروضة البهية ” للفاضل الهندي (مخطوط).
(2) أضفناه لاستقامة العبارة.