عوائد الایام-ج1-ص64
سواء لم يثبت اصله اصلا أو ثبت ولكن على نهج لا يستلزم هذه الزيادة ثم ان ذلك النفى اما من جهة تنصيص الشارع كما في كثير من ابواب الفقه من العبادات وغيرها كالقصر في السفر والخوف في الصلوة والافطار في للصوم ونحو ذلك واما من جهة التعميم كجواز العمل بالاجتهاد لغير المقصر في الجزئيات كالوقت والقبلة ونحوهما أو الكليات كالاحكام الشرعية للعلماء انتهى اقول قد مر في العائدة المذكورة ما يظهر به جلية الحال في هذا المقال والحاصل ان المستفاد مما ذكره ان قاعدة نفى العسر والحرج من باب اصل البرائة دون الدليل أو تكون مقيدا بغير التكاليف الثابتة ويكون موضع العسر والحرج المنفيين ما هو زايد عن اصل طبايع التكاليف ويكون قاعدة نفى العسر والحرج من قبيل كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى ونحوه فكل تكليف ثبت بالخصوص أو العموم أو التقييد أو الاطلاق يكون خارجا عنه فكلما كان عليه دليل عام أو خاص لا يعارضه قاعدةنفى (الحرج) الضرر وهذا مناف لطريقة الفقهاء في استدلالاتهم بقاعدة نفى العسر والحرج بل منهم من صرح ان قاعدة نفى الحرج ليس من باب الاصل الذى جاز الخروج عنها بدليل كساير العمومات بل لا يعارضها دليل اصلا كما ياتي نعم لو كان مراده ان بعد ملاحظة عمومات التكاليف وخصوصاتها وملاحظة التعارض بينها وبين ادلة نفى العسر والحرج واعمال القواعد الترجيحية واخراج ما ثبت ترجيحه من التكاليف الصعبة العسرة يقيد ادلة نفيهما بغير هذه المخرجات لكان صحيحا كما مستذكره ومنها ان العسر والحرج في الامور انما يختلف باختلاف العوارض الخارجية فقد يكون عسر أو حرجا يصير باعتبار امر خارجي سهلا وسعة و من الامور الموجبة لسهولة كل عسير وسعة كل ضيق مقابلته بالعوض الكثير والاجر الجزيل ولا شك ان كل ما كلف به الله سبحانه يقابله ما لا يحصى من الاجر من جاء بالحسنة فله عشر امثالها وعلى هذا فلا يكون شئ من التكاليف عسر أو حرجا وما لم يرضى الله سبحانه فيه بادنى مثقة يكون من الامور التى لا يقابلها اجر ولا يستحق فاعلها عوض وثواب وما كلف به من الامور الشاقةظاهرا فقد ارتفعت مشقتها بما وعد لها من الاجر الجميل والثواب الجزيل ولا يخفى ان اللازم من ذلك ايضا كسابقه عدم معاوضة قاعدة نفى العسر والحرج بشئ من الادلة بل عدم ترتب فائدة في التمسك بها إذ كل ما ثبت فيه التكليف عموما أو خصوصا فلا يكون القاعدة فيه جارية وكذا كلما كان التكليف به مشكوكا فيه وما لم يكن كذلك فالتكليف فيه منفى من غير حاجة الى امر اخر هذا مضافا الى ان انتفاء العسر والحرج من كل فعل باعتبار مقابلته بالعوض الكثير في حيز المنع فانه لا شك ان انفس الاعواض هو الحيوة ولا ريب ان من توقفت حيوته على قطع عضو منه كالرجل أو اليد التى عرضتها الشقاقلوس ؟ يعد قطع عضوه عسرا وصعبا والتحقيق ان الامور الصعبة على قسمين قسم يرد صعوبته ومشقته على القلب والخاطر من غير صعوبة فيه على البدن والجسم كالتضرر المالى مثلا وهذا يرتفع صعوبته إذا قابله امر اخر اهم في القلب منه وقسم يرد صعوبته على البدن كحمل الشئ الثقيل وقطع العضو وامثال ذلك وهذا لا يرتفع صعوبته وان قابله من الاجر ما قابله نعم لما كان للقلب ايضا صعوبة في تحمل الصعاب البدنية فإذاقابله الاهم منه يسهل تحمل الصعوبة معه أي يرتفع صعوبته القلبية فلا يخرج من العسر والحرج هذا ما عثرت عليه مما ذكروه في هذا المقام والتحقيق انه لا حاجة الى ارتكاب امثال هذه التأويلات والتوجيهات بل الامر في قاعدة نفى العسر والحرج كما في سائر العمومات المخصصة الواردة في الكتاب الكريم والاخبار الواردة في الشرع القويم فان ادلة نفى العسر والحرج يدلان على انتفائهما كلية لانهما لفظان مطلقان واقعان موقع انتفى فيفيدان العموم وقد ورد في الشرع التكليف ببعض الامور الشاقة