ریاض المسائل (ط.ج)-ج2-ص54
الامامية، ولم يصلنا قبل هذا الكتاب دراسة منهجية ومنظمة في علم اصول الفقه للشيعة الامامية، وعليه فإن بإمكاننا أن نعتبر كتاب الذريعة هذا أول عمل علمي فياصول الفقه للشيعة الامامية.
ورغم أن هذا الكتاب يعتبر بداية لخط التصنيف العلمي في الاصول فإنه بداية جيدة وقوية ومنهجية.
والكتاب ينقل كثيرا ” آراء فقهاء السنة في الاصول كأبي بكر الفارسي وأبي قاسم البلخي وأبي حنيفة والشافعي وأبي هاشم الجبائي وأبو الحسن البصري والنظام وأبي علي الجبائي وغيرهم، ويناقشهم وينقد آراءهم ويقبل منها الصحيح ويرد منها ما لا يصح عنده، كل ذلك ضمن مدرسة اصولية ذات أصالة واستقلال.
وليس على الكتاب من أثر التقليد والتبعية شئ وهو أمر ملفت للنظر في أول جهد فكري منهجي للامامية في الاصول.
ومن التجديد الذي يلفت النظر في هذا الكتاب فصل مسائل اصول الفقه عن مسائل اصول الدين (الكلام).
وقد كان المؤلفون السابقون على السيد المرتضى يخلطون بين مسائل اصول الدين واصول الفقه كثيرا ” كالقاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه المعروف ” المغني “.
ويتحدث المرتضى في مقدمة الذريعة (1) عن الجهد الذي بذله في فصل مسائل اصول الدين (الكلام) عن اصول الفقه.
ثم يأتي بعده دور الشيخ الطوسي تلميذ المفيد والمرتضى – رحمهم الله – في تطويرعلم الاصول، وقد كان للشيخ أبي جعفر الطوسي – رحمه الله – المتوفى سنة 460 ه دور رائد في بلورة مفاهيم الاصول وتنضيج الفكر الاصولي في كتابه القيم ” عدة الاصول ” وقد قال في شأن هذا الكتاب السيد بحر العلوم: هو أحسن كتاب صنف في الاصول وقد صنف الشيخ الطوسي كتاب العدة في حياة استاذه المرتضى، ويبدو من كلامه أن تأليفه للعدة كان قبل تأليف المرتضى للذريعة، فهو يقول في مقدمة
(1) المصدر: ص 2 و 3 من طبع طهران تحقيق الدكتور أبو القاسم.