ریاض المسائل (ط.ج)-ج2-ص19
التالية التي يرويها ابن الاثير في الكامل دلالة واضحة على ما نقول، يقول ابن الاثير:اتفق أن المعتصم خرج بموكبه يوم عيد فقام إليه شيخ فقال له: يا أبا إسحاق فأراد الجنود ضربه وتنحيته، فمنعهم الخليفة وقال: يا شيخ مالك ؟ قال الشيخ: لاجزاك الله عن الجوار خيرا “، جاورتنا وجئت بهؤلاء العلوج من غلمانك الاتراك فأسكنتهم بيننا، فأيتمت بهم صبياننا وأرملت نساءنا وقتلت رجالنا ، والله لنقاتلنك بسهام السحر (1).
ودب نفوذ هؤلاء المماليك والموالي في جهاز الخلافة دبيب المرض إلى أن شل قدرة الخليفة تماما “، وأصبح الخليفة لا يملك من أمره شيئا ” كثيرا “، وأصبح نفوذ العسكر في قصر الخليفة وفي شؤون الحكم هو النفوذ الاول، ولم يكن بطبيعة الحال استدعاء هؤلاء المماليك والموالي إلى مراكز العسكر من منطلقات إسلامية صحيحة، وانما كان لغايات سياسية وأمنية تخص الخليفة وقصره وجهاز حكمه، ولذلك لم يتم استدعاء هوءلاء المماليك وإناطة مراكز القوة والنفوذ بهم على اساس صحيح ، مما أدى في النتيجة إلى الشلل الكالم لا رادة الخليفة والى ازدياد سخط الناس وغضبهم على الخليفة وجهازه وتمرد القادة العسكريين والولاة بما في أيديهم من القوة العسكرية والمال والولايات عن مركز الخلافة.
3 – الفتن الطائفية: الفتن الطائفية التي كانت تلتهب في أرجاء الدولة العباسية بين الحين والحين، وبشكل خاص في مركز الخلافة العباسية كالتي كانت تحدث بين السنة والشيعة من الفتن، أو بين الحنابلة والشافعية، أو بين الحنابلة والاشاعرة، أو بين الشافعية والحنفية.
وقد شهدت بغداد خلال هذه الفترة غارات وهجمات كبيرة وشرسة على الشيعة الذين كانوا يجتمعون في الكرخ من بغداد، وكان المهاجمون يشعلون الحرائق في المدارس والمكتبات، وقد أحرقوا في بعض هذه الهجمات مكتبة شيخ الطائفة
(1) الكامل لابن الاثير: 7 / 181.