ریاض المسائل (ط.ج)-ج2-ص7
فيها إلا فئة قليلة مشردة الاذهان.
وكان القتلى في الطرقات كأنها التلال، ولما نودي بالامان خرج من تحت الارض من اختفوا في المطامير والمقابر ومن لجأ إلى الابار والحشائش كأنهم الموتى قد نبشت قبورهم، وقد أنكر بعضهم البعض فلم يعرف الاب ابنه ولا الاخ أخاه، ثم انتشر الوباء فحصدهم بمنجله حصدا ” ذريعا ” وفسد الهواء وعم الوباء (1).
وأما ما حل بخزائن العلم من المكاتب والمدارس في بغداد فحدث ولا حرج، فقد كانت بغداد مركزا ” من أعظم مراكز الاشعاع الفكري في العالم كله في ذلك التاريخ من دون مبالغة، وقد أحرق التتار كلما وجدوا في بغداد من علم ومن مراكز للعلم، كما قتلوا كل من عثروا عليه من العلماء أو كل من كان في بغداد من العلماء، وليس بإمكان أحد أن يقدر ضخامة الخسارة التي لحقت بالفكر والثقافةالاسلامية والبشرية في هذه النكبة.
يقول قطب الدين الحنفي: تراكمت الكتب التي ألقاها التتار في نهر دجلة حتى صارت معبرا ” يعبر عليه الناس والدواب واسودت مياه دجلة بما القي فيها من الكتب (2) ولنقرأ لتقي الدين ابن أبي اليسر هذه النفثة من شعره في بغداد: لسائل الدمع عن بغداد أخبار
فما وقوفك والاحباب قد ساروا يا زائرين إلى الزوراء لا تفدوا
فما بذاك الحمى والدار ديار تاج الخلافة والربع الذي شرفت
به العالم قد عفاه اقفار أضحى لعصف البلى في ربعه أثر
وللدموع على الاثار آثار يا نار قلبي نار لحرب وغى
شبت عليه ووافى الربع اعصار
(1) تاريخ الاسلام للدكتور حسن ابراهيم: 4 / 160 – 161 عن الحوادث الجامعة في أعيان المائة السابعة ص 330 و 331 (2) تاريخ التمدن الاسلامي للدكتور گوستاف لوبون ترجمة السيد هاشم الحسن (ترجمة فارسية 1358):ص 214.