کفایة الاحکام-ج1-ص262
قد جعلته قاضيا واياكم ان يتحاكم بعضكم بعضا إلى السلطان الجاير الحديث ففيه اجمال وظاهره اعتبار معرفة القدر ؟ المعتد به من الاحكام وعلى ما ذكرنا لا يكفي في اهلية القضاء العلم بفتاوى العلماء لا اعرف فيه خلافا بينهم ويستفاد من خبر عمر بن حنظلة وأبي خديجة وغيرهما عدم جواز الترافع إلى قضاة الجور سواء كانوا مؤمنين أو لا ويستفاد من الخبرين عدم جواز اخذ شئ بحكمهم وان كان له حقا وهو في الدين ظاهر وفي العين لا يخلو عن اشكال لكن مقتضى الخبرين التعميم وصاحب المسالك ؟ وغيره استثنى من الحكم بتخطية المتحاكم إلى اهل الجور ما لو توقف حصول حقه عليه فيجوز كما يجوز الاستعانة عى تحصيل الحق بغير القاضي قال والنهي في هذه الاخبار وغيرها محمول على الترافع إليهم اختيارا مع امكان تحصيل الغرض باهل الحق قال وقد صرح به في خبر أبي بصير عن أبي عبد الله ( ع ) قال ايما رجل كان بينه وبين اخ له مماراة في حق فدعاه إلى رجل من اخوانه ليحكم بينه وبينه فابى الا ان يرافعه إلى هولاء كان بمنزلة الذين قال الله تعالى عزوجل الم تر إلى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا إلى الطاغوت الاية وفيه اشكال لان حكم الجاير بينهما فعل محرم والترافع إليه يقتضي ذلك فيكون اعانة على الاثم وهي منهى عنها ويعتبر في القاضي ان يكون ضابطا فلو غلب عليه النسيان لم يجز نصبه وفي انعقاد قضاء الاعمى تردد والاكثر على عدم الانعقاد والاقرب الانعقاد لعموم الادلة وفي اشتراط الحرية قولان اشهرهما ذلك ولعل الاقرب عدمه لعموم الادلة وهل يشترط علم القاضي بالكتابة فيه تردد وهنا مسايل الاولى يشترط في ثبوت الولاية اذن الامام ( ع ) خصوصا أو عموما عند حضوره بلا خلاف في ذلك عندنا فلو استقضى اهل البلد قاضيا لم يثبت ولايته ومع عدم حضور الامام ينفذ قضاء الفقيه الجامع لشرايط الفتوى وله الاذن من الامام كما مر والمشهور بين الاصحاب جواز الحكم وهو ان يحكم الخصمان واحدا من الناس جامعا لشرايط الحكم سوى نص من له التولية بل لم يذكروا فيه خلافا فيما اعلم استنادا إلى ما روي من طريق العامة عن النبي من حكم بين اثنين تراضيا به فلم يعدل فعليه لعنة الله وقد وقع في زمن الصحابة ولم ينكر احد منهم ذلك وظاهر الاصحاب ثبوت هذا الحكم في جميع ما يقع فيه التداعي من المال والنكاح والقصاص والحد وغيرها لعموم الخبر واستشكل العلامة ثبوته في الحبس واستيفاء العقوبة قالوا محل اعتبار رضا الخصمين بحكمه قبل تمام الحكم فمتى رجع قبله رد حتى لو اقام المدعي شاهدين فقال المدعى عليه عزلتك لم يكن له ان يحكم ولو تم الحكم قبل الرجوع لزمهما حكمه على المشهور وذكر الشهيد الثاني وغيره ان قاضي التحكيم لا يتصور في حال الغيبة مطلقا لانه ان كان مجتهدا نفذ حكمه بغير تحكيم والا لم ينفذ حكمه مطلقا ونقل الاجماع على الحكمين قال والاجتهاد شرط في القاضي في جميع الازمان والاحوال وهو موضع وفاق الثانية تولي القضاء مستحب لمن يثق من نفسه بالقيام بالشرايط المعتبرة فيه وهو من الواجبات الكفائية وقد يتعين وجوبه عند الامر من الامام ( ع ) أو الانحصار فيه الثالثة مصرف بيت المال مصالح المسلمين ومن جملتها القاضي لقيامه بالامور النافعة في نظام النوع كاخذ حق المظلوم والامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيجوز له اخذ الرزق عليه إذا لم يكن متعينا عليه سواء كان له كفاية من ماله ام لا لكن قال غير واحد من الاصحاب انه يكره له الاخذ مع الكفاية وان تعين عليه ففي جواز اخذه منه قولان اشهرهما المنع ولا اعرف خلافا بين الاصحاب في انه لا يجوز له اخذها من المتخاصمين مع وجود الكفاية من بيت المال ومع وجود الحاجة إليه ففي جواز اخذه منهما أو من احدهما قولان اشهرهما المنع وذكر الاصحاب انه يجوز الاخذ من بيت المال للمؤذن والقاسم وكاتب القاضي والمترجم وصاحب الديوان ووالي بيت المال ومن يكيل للناس ويزن وهو حسن ولا ينحصر فيه بل ذكروا ايضا معلم القرآن والاداب الحكمية والفنون الشرعية والعلوم الادبية من النحو واللغة وشبههما وائمة الصلوات والعدول المرضية للشهادات وغير ذلك ولا يجوز اخذ الاجرة على اقامة الشهادة ويثبت ولاية القاضي بشهادة العدلين والظاهر انه لا خلاف فيه وكذا يثبت بالاستفاضة ان اعتبرنا فيها حصول العلم العادي كما هو احد الاقوال وان اكتفينا بالظن الغالب المتقارب للعلم كما هو احد الاقول في المسألة أو مطلق الظن كما هو قول فيها ففي الاكتفاء بها اشكال وذكر بعضهم انه يثبت بالاستفاضة النسب والملك المطلق والموت والنكاح والوقف والعتق ومنهم من زاد ومنهم من نقص وعلى اعتبار العلم في الاستفاضة يثبت بها كل حق الا ما استثنى ولا ينحصر فيها وان لم يعتبر افادة العلم فيها ففي الحكم اشكال لفقد النص وضعف الاعتبارات العقلية التي ذكرت مستندة للحكم الطرف الثاني في آداب القاضي ذكر في كتبهم آداب كثيرة للقاضي لم اطلع على نصوص لها بخصوصها فمنها ان يسئل قبل حال دخوله إلى البلد أو حين وصوله إليه عن من فيه من العلماء والعدول ليكون عارفا بمن يعتمد عليه ويسكن إلى قوله ومن يستحق التعظيم والاقبال إليه قيل ويستحب ان يكون الدخول يوم الاثنين تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله إذ دخل المدينة فيه ومنها ان ينزل في وسط البلد ليعتدل نسبة اهل البلد إليه بقدر الامكان ومنها اعلام اهل البلد بقدومه ان احتاج إليه على وجه يقتضيه المصلحة والعرف وان احتاج إلى النداء فعل ومنها ان يجلس للقضاء في موضع بارز للناس مثل رحبة أو فضاء ليسهل الوصول إليه عن من اراده ولا يجلس في بيت يهابه الناس ومنها ان يتسلم ديوان الحكم وهو ماكان عند الحاكم قبله من المحاضر والسجلات وحجج الايتام والغيب والاوقاف وحجج الناس المودعة في الديوان ليتوصل بذلك إلى تفاصيل احوال الناس ومعرفة حقوقهم وحوائجهم ومنها انه ان اتفق حكمه في المسجد على وجه لا يكون مكروها فليبدأ عند دخوله في الصلوة تحية المسجد ومنها ان يجلس مستدبر القبلة ليكون وجوه الخصوم إذا وقفوا بين يديه إليها خصوصا في وقت استحلافهم فيكون مراعاة الاستقبال من جانبهم اهم وهذا اختيار الاكثر وقيل يكون متوجها ( إلى القبلة وهو مذهب صح ) الشيخ في احد قوليه وابن البراج لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله خير المجالس ما استقبل به القبلة قالوا إذا تفرغ القاضي من مهماته واراد القضاء استحب ان