مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج15-ص76
اختلف الفقهاء في أن السحر هل له حقيقة أي: تأثير، بحيث يتغير به حال المسحور، فيمرض ويموت منه، ويتأثر به فيما يقصده الساحر، أم هو مجرد تخييل وشعبذة لا حقيقة له؟ فذهب بعضهم إلى الاول، وآخرون إلى الثاني.
واستند الاولون إلى قوله تعالى: (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المر وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) (1).
أسند التفريقإليه، وذمهم على تعلم ما يفرقون به بين المر وزوجه، فلو لم يكن له تأثير لم يتوجه عليهم الذم.
ولان تأثيره أمر وجداني شائع بين الخلق [ كثيرا ] (2) قديما وحديثا.
وفي الاخبار (3) ما يدل على وقوعه في زمن النبي صلى الله عليه وآله، حتى قيل: إنه صلى الله عليه وآله سحر حتى كان يخيل إليه أنه فعل الشي ولم يفعله.
وفيه نزلت المعوذتان (4).
واستند الثاني إلى قوله تعالى: (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) (5).
أسند إليه مجرد التخييل.
وقوله تعالى: (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) .
ووجه الدلالة أن تأثيره لو كان بالاضرار، فإما أن يتوقف على إذنه تعالى أولا.
ويلزم من الاول إذنه تعالى في القبيح، وهو محال.
ومن الثاني خلاف ما دلت عليه الاية.
(1) البقرة: 102.
(2) من (ث) والحجريتين.
(3) راجع تفسير فرات: 619، مجمع البيان 10: 492.
(4) انظر التبيان 10: 434، مجمع البيان 10: 495.
(5) طه: 66.