مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج15-ص53
إذا حصلت السراية من ثلاث ضربات أحدها مضمون، فإن توالت الضربتان الجائزتان فلا إشكال في أن الثابت نصف الدية، أو المردود على تقدير إرادة الولي القصاص، لانه مات بسببين أحدهما مضمون والاخر غير مضمون، ولا نظر إلى زيادة أحد السببين على الاخر.
وقد وافق الشيخ – رحمه الله – على ذلك.
وأما إذا تفرقت الضربات الجائزة، كما لو قطع يده مقبلا ثم رجله مدبرا ثميده الاخرى مقبلا، فقد قال الشيخ في المبسوط (1): إنه مع موته بذلك يكون على القاتل ثلث الدية، فارقا بين الصورتين: بأن القطعين المباحين (2) لما تواليا صارا كالقطع الواحد، فلم يضمن، بخلاف ما إذا تفرقا، فإن الاول لما كان موصوفا بالاباحة والثاني بالتحريم والثالث كالاول، فقد حصل بين القطعين ما ليس من جنسه، فلم يبن أحدهما على الاخر، وجعل الجميع بمنزلة ثلاثة أسباب، فتوزع عليها الدية.
والمصنف – رحمه الله – استضعف هذا الفرق، واختار أن عليه النصف، وتبعه المتأخرون (3)، محتجا بأن جناية الطرف يسقط اعتبارها مع السراية إلى النفس، كما لو تخلل بين جرحي عاد جرح عاد آخر، فإنه مع السراية يتساويان دية وقصاصا، والشيخ وافق على هذا.
وربما فرق (4) بين هذا وبين المتنازع: بأن المجانسة هنا حاصلة، إذ
(1) المبسوط 8: 76.
(2) كذا في الحجريتين ونسخة بدل (خ)، ولعله الصحيح، وفي سائر النسخ الخطية: المتأخرين.
(3) قواعد الاحكام 2: 273، الدروس الشرعية 2: 59.
(4) انظر غاية المراد: 355.