مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج14-ص169
والاشهر اعتبارها في الشهادة، سواء جعلناها شطرا من العدالة، كما هو المشهور من أن العدل هو الذي تعتدل أحواله دينا ومروة وحكما، أم جعلناها خارجة عنها وصفة برأسها، كما جرى عليه جماعة (1).
وقد أغرب في القواعد (2) حيث جعلها جزا من العدالة، وعرفها بأنها كيفية نفسانية راسخة تبعث على ملازمة التقوى والمروة، ثم جعلها قسيما للعدالة وشرطا آخر لقبول الشهادة، فجمع بين القولين.
وكيف كان، فالوجه أنه لا تقبل شهادة من لا مروة له، لان اطراح المروة إما أن يكون بخبل ونقصان، أو قلة مبالاة وحياء، وعلى التقديرين يبطل الثقة والاعتماد على قوله.
أما المخبل فظاهر.
وأما قليل الحياء فلان من لا حياء له يصنع ما شاء، كما ورد في الخبر (3).
وفي ضبط المروة عبارات متقاربة، منها: أن صاحب المروة هو الذي يصون نفسه عن الادناس ولا يشينها عند الناس، أو الذي يتحرز عما يسخر منه ويضحك به، أو الذي يسير بسيرة أمثاله في زمانه ومكانه.
فمن ترك المروة لبس ما لا يليق بأمثاله، كما إذا لبس الفقيه لباس الجندي،وتردد به في البلاد التي لم تجر عادة الفقهاء فيها بلبس هذا النوع من الثياب.
وكما إذا لبس التاجر ثوب الحمالين ونحوهم بحيث يصير ضحكة.
ومنه: المشي في الاسواق والمجامع مكشوف الرأس والبدن، إذا لم يكن
(1) الدروس الشرعية 2: 125.
(2) قواعد الاحكام 2: 236 – 237.
(3) مسند أحمد 4: 121، صحيح البخاري 8: 35، سنن أبي داود 4: 252 ح 4797، سنن ابن ماجة 2: 1400 ح 4183.