مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج14-ص90
ليس صريحا، وقد اختلف العلماء في فهم عبارته، فالشيخ فخر الدين (1) – رحمه الله – ذكر أنه تردد في ذلك، ولم يرجح أحد القولين.
والشهيد في الدروس (2) قال: إنه صرح بالتعارض والقرعة.
ولننقل عبارة الشيخ في ذلك وننظر فيها، فإن كلا الفهمين محتمل منها، والاظهر منها هو التردد الذي فهمه الشيخ فخر الدين.
وهذه عبارة الشيخ: (شهد شاهدان أنه أوصى لزيد بثلث ماله، وشهد شاهد واحد أنه أوصى بثلث ماله لعمرو، وقال عمرو: أحلف مع شاهدي ليكون الثلث بيننا، فهل يزاحم الشاهدين شاهد ويمين أم لا؟ قال قوم: يحلف ويزاحم ويساويه، لان الشاهد واليمين في الاموال بمنزلة الشاهدين، وقال آخرون: لا يساويه، لان الشاهد واليمين أضعف من شاهدين، لان الشاهد وحده لا يقوم بنفسه حتى يضم إليه غيره، والشاهدان قائمان بأنفسهما، فلا يعارضهما.
فمن قال لا يعارضهما حكم بالثلث لزيد وحده، ومن قال يعارضهما حلف عمرو مع شاهده، وكان الثلث بينهما نصفين.
وعلى مذهبنا يقرع بينهما) (3).
هذه عبارته.
فالشهيد – رحمه الله – فهم التصريح بالتعارض من قوله:(وعلى مذهبنا يقرع بينهما).
والذي يظهر أن هذا ليس حكما بالتعارض، لان القولين اللذين حكاهما عن المخالفين، كما هي عادته، ومذهبهم (4) أن الوصية المعينة – كالثلث مثلا – لاثنين متعارضين يوجب قسمته بينهما على سبيل العول، ومذهبنا أن الثاني يكون رجوعا عن الاول إن علم الترتيب، وإن اشتبه أقرع،
(1) إيضاح الفوائد 4: 409.
(2) الدروس الشرعية 2: 102.
(3) المبسوط 8: 253 – 254.
(4) انظر الحاوي الكبير 8: 309، روضة الطالبين 5: 268.