پایگاه تخصصی فقه هنر

مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج14-ص72

وهذا الخبر يدل على الجواز من غير كراهة، لانه عليه السلام لا يحب المكروه.

وقوله عليه السلام: (وتحلف) أراد به أنه إذا طلب منه المودع الوديعة جاز له الانكار، فإن أحلفه حلف له على عدم الاستحقاق، أو على عدم الاستيداع مع التورية.

ثم الكراهة تستفاد من ظاهر الادلة الاتية جمعا.

حجة القائل بالتحريم عموم قوله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها) (1).

والامر بأدائها إليهم ينافي جواز الاخذ.

وخصوص رواية ابن أبي عمير عن ابن أخي الفضيل بن يسار، قال: (كنت عند أبي عبد الله عليه السلام ودخلت امرأة وكنت أقرب القوم إليها، فقالت لي: اسأله، فقلت: عماذا؟ فقالت: إن ابني مات وترك مالا كان في يد أخي فأتلفه ثم أفاد مالا فأودعنيه، فلي أن آخذ منه بقدر ما أتلف من شي؟ فأخبرته بذلك فقال: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أد الامانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك) (2).

وفي هذا الحديث دلالة من ثلاثة مواضع:أحدها: من قوله: (لا) في جواب قولها: (فلي أن آخذ منه).

وثانيها: من قوله عليه السلام: (أد الامانة إلى من ائتمنك) فإن الامر بأدائها إليه ينافي جواز الاخذ، ولانه ذكره في جواب سؤال الاخذ.

وثالثها: من قوله عليه السلام: (ولا تخن من خانك).

وهو ظاهر.

ورواية سليمان بن خالد قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه ثم حلف، ثم وقع له عندي مال، آخذه مكان

(1) النساء: 58.

(2) التهذيب 6: 348 ح 981، الاستبصار 3: 52 ح 172، الوسائل 12: 202 الباب المتقدم ح 3.