مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج14-ص69
وإن كان مالا، فهو إما عين أو دين.
فإن كان عينا، فإن قدر على استردادها من غير تحريك فتنة استقل به، لانه عين ماله فلا حاجة إلى الرجوع في تحصيله إلى غيره.
ولو أدى إلى الفتنة فلابد من الرفع إلى الحاكم دفعا لها.
وأما الدين، فإن كان من عليه مقرا غير ممتنع من الاداء طالبه ليؤدي.
وليس له الاستقلال بالاخذ، لان حقه أمر كلي في ذمة المديون، وله التخير في تعيينه من ماله، فلا يتعين في شي منه بدون تعيينه.
ولا مدخل للحاكم في ذلك أيضا، لان الغرض كونه باذلا، والحاكم إنما يلي على الممتنع ومن في معناه.
وقول المصنف في هذا القسم: (أو تعيين الحاكم مع امتناعه) لا وجه له، لانه خلاف الغرض.
ولو كان جاحدا أو مماطلا، فإن لم يكن لصاحب الحق بينة يثبت بها الحق عند الحاكم، أو كان ولم يمكن الوصول إليه، أو أمكن ولم تكن يده مبسوطة بحيث يمكنه تولي القضاء عنه، جاز له الاقتصاص منه، لقوله تعالى: (فمناعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) (1).
وقوله تعالى: (فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) (2).
ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله لما قالت له هند: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وإنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه سرا وهو لا يعلم، فهل علي في ذلك شي؟ فقال صلى الله عليه وآله: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) (3).
(1) البقرة: 194.
(2) النحل: 126.
(3) مسند أحمد 6: 50، صحيح البخاري 7: 85، صحيح مسلم 3: 1338 ح 7، سنن الدارمي 2: 159.