مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج14-ص59
وهو الذي يترك لو ترك الخصومة.
وقيل: هو الذي يدعي خلاف الاصل، أو أمرا خفيا.
وكيف عرفناه فالمنكر في مقابلته.
ويشترط: البلوغ، والعقل، وأن يدعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه، ما يصح منه تملكه.
فهذه قيود أربعة.
فلا تسمع دعوى الصغير، ولا المجنون، ولا دعواه مالا لغيره، إلا أن يكون وكيلا أو وصيا أو وليا أو حاكما أو أمينا لحاكم.
ولا تسمعدعوى المسلم خمرا أو خنزيرا.
قد عرفت (1) بالخبر (2) أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
وقيل في سببه: إن جانب المنكر أقوى، لموافقته الظاهر، والبينة أقوى من اليمين، لبرأتها عن تهمة جلب النفع، فجعلت البينة على المدعي لتجبر قوة الحجة ضعف الخبر، وهو الكلام المدعى، وقنع من المنكر بالحجة الضعيفة، لقوة جنبه.
وهذه القاعدة تحوج إلى معرفة المدعي والمدعى عليه ليطالب هذا بحجته وهذا بحجته إذا تخاصما.
وقد اختلف الفقهاء في حد المدعي، فقيل: هو الذي يترك لو ترك الخصومة.
ويعبر عنه بعبارة أخرى، وهو أنه الذي إذا سكت خلي ولم يطالب بشي، والمدعى عليه لا يخلى ولا يقنع منه بالسكوت.
والثاني: أنه الذي يدعي خلاف الاصل، والمدعى عليه هو الذي يدعي ما يوافقه.
وقيل: إن المدعي من يذكر أمرا خفيا يخالف الظاهر، والمدعى عليه من يوافق الظاهر.
فإذا ادعى زيد دينا في ذمة عمرو أو عينا في يده فأنكر، فزيد هو
(1) في (ت، ث، ط، م): عرفنا.
(2) راجع الوسائل 18: 170 ب (3) من أبواب كيفية الحكم.