مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج14-ص17
ولو لم يحضرا الواقعة، وأشهدهما بما صورته: أن فلان بن فلان الفلاني ادعى على فلان بن فلان الفلاني كذا، وشهد له بدعواه فلان وفلان – ويذكر عدالتهما أو تزكيتهما – فحكمت وأمضيت، ففي الحكم به تردد، مع أن القبول أرجح، خصوصا مع إحضار الكتاب المتضمن للدعوى وشهادة الشهود.
أما لو أخبر حاكما آخر بأنه ثبت عنده كذا لم يحكم به الثاني.
وليس كذلك لو قال: حكمت، فإن فيه ترددا.
البحث في هاتين الصورتين كالسابقتين قبولا وردا، وإنما تتميزان بأن الحكم في الاولتين على حاضر وهنا على غائب، وهو لا يوجب اختلاف الحكم.
ولو اقتصر على أحدهما وأدرج الاخر فيه كان أخصر.
قوله: (أما لو أخبر حاكما.
…إلخ).
قد ظهر من الادلة المجوزة لقبول إنفاذ الحكم أن موردها الضرورة إلى ذلك في البلاد البعيدة عن الحاكم الاول.
فذهب بعض الاصحاب (1) إلى اختصاص الحكم بما إذا كان بين الحاكمين وساطة، وهم الشهود على حكم الاول.
فلو كان الحاكمان مجتمعين، وأشهد أحدهما الاخر على حكمه، لم يصح إنفاذه، لان هذا ليس من محل الضرورة المسوغة للانفاذ المخالف للاصل.
والاقوى القبول، لان قوله نافذ، وحكمه حجة، والضرورة إلى ذلك باقية، فإنها غير منحصرة في الاماكن المتباعدة، لان من جملتها قطع الخصومة، وهو لا يتم إلا بقبول ذلك، بل هو في هذه الحالة أقوى من البينة، لان غاية البينة إثبات حكم الحاكم، وإخباره بالحكم أقوى.
(1) لم نجد تصريحا بهذا لاحد من الاصحاب.
نعم، يشعر كلام الشيخ في الخلاف (6: 245 مسألة 42) بذلك.
وللاستزادة انظر جواهر الكلام 40: 316.